” الجيش لن يقمع الشعب “. زلة اللسان التي أطلقها قائد الأركان هذا الأربعاء مرّت تقريبا خفية. ما معناه أن الاحتمال وارد. بعد موجات التهديدات التي أطلقها ضد أداء الداخل، تطويقات العاصمة و الاعتقالات التعسفية، هل نحن أمام إعلان ضمني لآخر التبريرات. إننا باهتون أمام هذا الكم من الحماقة. هل يجب علينا أن نرى في هذا التصريح جرأة تذكّر احتمالا قد مرّ، مرارة أمام تطبيق مستحيل أو استدعاء شهود لتطور أحداث تعلم السلطة أنها عشوائية بالنسبة لها ؟ التقلب الاستراتيجي يتواصل. و فيه ما يبعث الريبة و القلق عدة ملاحظين نبّهوا للموضوع : انتفاضات شعبية أقل كثافة ، أقل إجماعا و أقل عمرا كالتي تشهدها الجزائر منذ تسعة أشهر وجدت صدى عند الأنظمة القائمة، بما فيها الطوائف العسكرية كالتي تعرفها السودان لا وجود لثورة تشبه الأخرى و لا شيء يضمن أن الاتفاقات الموقعة بين ممثلي الانتفاضات و الأنظمة القائمة لن يتمّ تأجيلها أو نفيها إن نقُصت التعبئة و اليقظة الشعبية. الأمر معروف : لا شيء نهائي في السياسة و الديمقراطية نضال مستمر. يبقى أنه بخلاف الجزائر الموجودة في حالة تجمد سياسي قريب من كوريا الشمالية، و الحالة الخاصة بهونج كونج ، باقي الثورات الشعبية وجدت لنفسها مسارا للحلحلة المتفاوض عليها في اليوم الثالث عشر للاحتجاج، استقالت الحكومة اللبنانية. في الشيلي، عرفت الانتفاضة الشعبية، رغم أنها كانت في الأصل اجتماعية، في هذه الجمعة، قفزة سياسية و رمزية هائلة. اتفاق عام تم التوصل إليه من أجل مراجعة الدستور الموروث من بينوشي. دون التمعن في النقاط التي قد يتم مراجعتها أو إلغائها، فهمت الحكومة الشيلية التي حاولت في البداية التحايل مع المتظاهرين أن السلطة ، و إن كانت منتخبة ديمقراطيا، لا يمكنها الانتصار على شعبها الجزائر، من جهتها، بقيت في عصر ما قبل التاريخ السياسي. جنرال خارج من الصف يرقّع و يرتجل حسب أهوائه كما كان سيفعل واحد من ضباط الصف الهواة في الانقلابات في سنوات السبعينات أمام إحدى أهم الأزمات المعقدة التي تهز منطقة الجنوب في الأشهر الأخيرة، تاتي ردة قيادة الأركان بالصمم و الانزواء على النفس و القمع. حتى و إن حاولنا تحليل خيار الانغلاق، يصعب علينا أيجاد أدنى انسجام في الخطة الكارثية للنظام قرارات قضائية أُتخذت بطريقة غير منتظمة في العاصمة، الإعلام العمومي يقفز مرة أخرى إلى مستنقع السنوات الحالكات، الحكومة تعمل في السري، مرشحو الرئاسيات الآتون كلهم من السراي متواجدون في إقامة جبرية فرضها عليهم الشعب الذي يرى في انتخابات 12 ديسمبر اغتصابا وطنيا. الوضعية الاجتماعية و الاقتصادية الحرجة منذ مدة تتلاشى على مد البصر و تستهدف أغلبية الشعب المنهك. و أخيرا لا يمر أسبوع واحد دون ورود أخبار عن اشتباكات بين الجيش و جماعات إرهابية ، و البيئة الأمنية الجهوية يطبعها اللا استقرار بينما لا يملك الشعب فضاءا للوساطة غير الشارع للتعبير عن مطالبه، أمر العسكريون برلمانا مليئا بالفيروسات تصفية آخر القدرات الاقتصادية الوطنية بالأثمان الزهيدة من ذا المسئول الذي يتمتع بأدنى البصائر يتجرأ على الإيمان أن بامكانه اللعب بالوقت في وضع حساس كهذا ؟ لا أحد، سوى من أصابته متلازمة كوريا الشمالية التي يسمح لمستبدين مسئولين عن مجاعات مزمنة تنظيم تمجيد أنفسهم باستمرار هذا التوجه الاستبدادي حيث الرعب من القائد، الجبن و ركاكة المحيط تمنع أي تفكير جدي هو منبع التصرفات المشينة لقيادة الأركان. عندما نسمع حاكما محليا يشبّه في” منتدى حول التاريخ ” قائد الأركان ببن بولعيد، فمعناه أن السلطة هاجرت فضاء الواقع لم يعد للجزائر الرسمية مثيلا في العالم سوى : بيونج يونج و هذا يطرح إشكالا. هل يمكننا أن نعمل من منطلق أن الحكمة يمكنها أن تعود يوما إلى السراي ؟ اللهم إلا إذا لجأنا نحن أيضا إلى رفض الواقع، فإن الإجابة تفرض نفسها بنفسها