نسيبتي، فالسنوات الأخيرة قبل ما تموت، كانت تاتآمن بأشياء عجيبة. بحال مثلا أن الراديو والتلفزة تايتسنطو علينا أو أن الفواكه والخضر ما بقاوش زوينين بحال شحال هادي حيت الدولة تاتدير فيهم السم للي تايقتلنا بشوية بشوية. هاد الغرائب ديال نسيبتي، الله يذكرها بخير، ما كاين تا شي فرق بينها وبين الخزعبلات اللي مازال ملايين ديال الناس ف 2019 تايآمنوا بيها: الجنون والعفاريت، السحر، الأرض المسطحة وماجاورهما. لحسن الحظ، الضرر ديال الإيمان بالتخربيق فالعالم ديالنا اليوم ولى محدود نسبيا. فالقديم كانت القضية حامضة. كنتي فعصور الظلام فأوروبا يلا غير زغبك الله وتولدتي شعرك حمر، تقدر تمشي فيها كفتة بتهمة أنك سحار. العالم مين تنور، عرف أن هاد الاعتقادات تاتجيب معاها غير الويل، لذلك حط فبلاصتها المنهج العلمي. المنهج العلمي تايعتامد على الملاحظة، ثم طرح السؤال، ثم تركيب فرضية على قاعدة السؤال، ثم التنبؤ بشنو غا يوقع يلا كانت الفرضية صحيحة، ثم القيام بتجارب، ثم الخروج باستنتاج على أساس النتائج ثم تقاسم النتائج مع الآخرين. مثال مبسط: الملاحظة: التليفون ما بغاش يتشارجا. السؤال: علاش ما بغاش يتشارجا؟ الفرضية: لكابل خسر. التنبؤ: يلا بدلت الكابل، التليفون غا يتشارجا. التجربة: بدل الكابل. النتيجة والاستنتاج: الشارج خدم يعني الفرضية صحيحة، ما خدمش يعني غالطة وخاص نجرب فرضية أخرى. المنهج العلمي تاينفع كذلك يلا بغيتي تبين خطأ الاعتقادات الشائعة: الملاحظة: حمار تايهرنط أو فروج تايصيح السؤال: واش لحمار شاف شيطان؟ واش الفروج شاف ملاك؟ الفرضية: لحمار والفروج تايغوتو سواء شافو ولا ما شافوش. السبب ماشي الشياطين و الملائكة التنبؤ: يلا جبنا حمار وفروج عميان ولا غطينا ليهم عينيهم ما غاديش يوليو زيازن التجربة: جبنا العميان/غطينا العينين النتيجة والاستنتاج: ما تبدل والو، لحمار والفروج مازال تايغوتو عادي، يعني الفرضية صحيحة المنهج العلمي هو للي نقذ ملايين البشر من الموت المحقق بسبب خزعبلات قديمة توارثها الإنسان. لكن علاش واخا عندنا هاد الوسيلة الرائعة فمعرفة الأمور، مازال الناس تابعين الخرافات؟ علاش حنا عارفين سبب الجفاف وتا نمشيو نصليو صلاة الاستسقاء؟ علاش تانديرو الرقية عوض نمشيو عن دأطباء؟ علاش تانآمنوا بالتقاف والشرويطة والعين والمس؟ علاش تانآمنوا أن الطيارات تاتلوح علينا غازات كيماوية؟ علاش تانآمنوا أن التلقيح تايدير التوحد؟ علاش واخا كل الدلائل العلمية تاتقول العكس، بنادم مازال لاصق فالإيمان ديالو بهاد المهازل؟ الجواب هو ما يسمى فعلم النفس: “إصرار الإيمان” للي هو نتيجة “التنافر المعرفي” ناخدو مثال صحاب الأرض المسنطحة باش نفهمو هاد الستون: واحد خونا متيقن أن الأرض دايرة بحال رويضة ديال الحرشة. هاني وفرحان بهاد الفكرة العبيطة. شوية غا يبدا يشوف الدلائل العلمية أن الأرض بالون، ماشي حرشة. هنا غا يوليو عندو جوج أفكار مخاريين فدماغو، غادي يبدا يعرق ويعيا ويحس بالستريس. هذا هو “التنافر المعرفي”. هنا غا يحاول خونا الحرشاوي يقلل أو يلوح عليه الأفكار البالونية باش يتهنى ويرتاح. هنا فين غا يلعب “إصرار الإيمان” الدور ديالو. “إصرار الإيمان” هو تغليب الأفكار القديمة (ولو كانت غالطة) للحفاظ على السلام الداخلي. جميع الناس، بدرجة متفاوتة، عندهوم هاد المشكلة. يلا فكرتي فراسك، غا تلقى أنك تاتعاني من التنافر المعرفي فبزاف ديال لحوايج، وغا تلقى أن إصرار الإيمان غالبا تايخليك ما تبدل والو. الناس من برا غا يشوفو قراراتك أنها انحياز تأكيدي، ولكن الانحياز ما هو إلا نتيجة ديال هاد المعمعة للي الأصل ديالها هو التنافر المعرفي.