رغم صعود أمين عام جديد للبام وإنتهاء حقبة إلياس العماري بالبام شكليا، إلا أن الأخير لايزال ممسكا بخيوط اللعبة ويخلق الأزمات داخل الحزب الثاني الذي يحاول العماري جره إلى إنشقاق عبر التمسك ببقاء بنشماش، ودفع العربي المحارشي لإذكاء نار الأزمة. وبينما طبل إلياس العماري لسحق بنكيران والبيجيدي خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، وظل حتى اللحظات السابقة لإعلان نتيجة الانتخابات يؤكد أنه سيحل بالرتبة الأولى، أظهرت النتيجة أن البام والسياسة على حد سواء لا يصلح لهما من يتمسك بالسراب، وأن مخطط منافسة البيجيديين على الحكم يلزمه شخص يعرف طرق استثمار القوة بشكل جيد غيرإستقطاب النواقض. العماري الذي فهم اللعبة، حاول هدم الحزب الذي إستقال الهمة من منصبه في القصر ليؤسسه، ولكي تتم هذه المهمة على أكمل وجه يتوجب وضع أمين عام سهل التحكم، والشخص الأمثل لذلك هو حكيم بنشماش الذي كان بالأمس القريب لا يخطو خطوة إلا بأوامرأمينه العام، حتى قبل تأسيس الحزب. صعود بنشماش غير المفهوم للأمانة العامة، سرع بظهور أزمة البام الحالية، التي كانت لو وجد العاقلون في تيار الشرعية لتنتهي في صمت، لكن هدف إلياس العماري ليس الحزب أومنح الأمانة العامة لتابعه، بقدر ما هو تحطيم حزب ولد ليكون قويا ويحرك المستنقع الراكد. تيار المستقبل الذي ظهر للوجود عقب اشتداد أزمة البام، كان أحد النتائج الطبيعية لتسيير بنشماش للحزب، ذلك كون أمين عام ليست لديه كاريزمة قوية، أو لا يستطيع ممارسة سلطه دون الرجوع للعربي المحارشي وإلياس العماري، لا يمكنه إلا أن يفرز شيء من إثنين، إم االانشقاق وإنهيار أطروحة القطبين في المشهد الحزبي، أو خروج تيار للممانعة، ورفض الذهاب بالحزب للهاوية. الدولة من كل هذا ترغب في إنهاء أطروحة القطبين، وترغب أكثر في إنهاء إستئساد حزب ينعلى المشهد السياسي، وهو ما يحيل على توجه جديد-قديم، يهدف إلى تقارب عدد المقاعد البرلمانية بين الخصوم السياسيين، لكن في الوقت نفسه يعتقد أنها لن تسمح بإنهيار حزب قوي، كما لن تتدخل في الأمر، ولهذا تركت نفسها على الحياد، ما جعلنا نرى مجموعة من الأمور التي جاءت ضد رغبة بنشماش وبالتأكيد ضد إلياس العماري، أبرزها الحكم القضائي الذي حطم آمال إلياس ومن معه. الحرب اليوم داخل حزب البام، ليست ضد بنشماش، لأنه دائما لم يكن موضع حسبان، إنها حرب تكسير العظام ضد مخطط إلياس لتدمير البام، حرب تظهر نتائجها الأولية أن الحموتي ووهبي والمنصوري ماضون في طريق تكسير أسطورة أن البام وليد إلياس وسيموت علىيديه.