دعت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيدة أمينة بوعياش، اليوم الجمعة بالصويرة، إلى التوسل بالثقافة حصنا من العنف، بالنظر لأدوراها المفترضة في تنمية المجتمع. وشددت السيدة بوعياش، في كلمة خلال افتتاح منتدى الصويرة لحقوق الإنسان الذي أطفأ شمعته الثامنة، ويتناول موضوع “قوة الثقافة في مواجهة ثقافة العنف”، على أن الثقافة تعد الوسيلة المثلى لنبذ العنف والانكفاء، والأداة الفضلى لتعزيز قيم التسامح والحوار، مشيدة بما راكمه مهرجان كناوة وموسيقى العالم الذي بلغ ذكراه الثانية والعشرين. وفي هذا السياق، أوضحت أن الدورات السابقة من المنتدى ساءلت الفاعلين الحقوقيين حول تيمات مجتمعية راهنة، لافتة إلى أن محاربة العنف بقدر ما تشكل رغبة شخصية يتعين أن تعضد مؤسساتيا وفق مقاربة شمولية. وبعدما حذرت من الفردانية الموجبة للعنف، اعتبرت التسامح فكرة منهجية تحترم تعدد الإثنيات والديانات، مؤكدة في هذا الصدد أن التسامح عامل لتحقيق التنمية في أي مجتمع. وفي كلمة مماثلة، قالت منتجة مهرجان كناوة وموسيقى العالم، السيدة نائلة التازي، إن الظرفية الراهنة شاهدة على تهديد المبادئ الديمقراطية، داعية إلى التغلب عن “بدهية الشر” من خلال التوسل بالثقافة المحفزة للفكر والمساعدة على تحقيق التنمية. واستشهدت السيدة التازي بدراسة مؤداها أن كل درهم جرى استثماره في المهرجان أنتج 17 درهما آخر، على غرار مهرجانات أوروبية، داعية في المقابل إلى تعزيز حس الانتماء، والاعتراف بغنى الثقافات المختلطة. وأشارت إلى أن الدينامية التي يعرفها مهرجان كناوة ومنتدى الصويرة، تستوجب ألا تظل الثقافة أداة ترفيه فقط، بل محرك السياسات العمومية، من خلال إنجاز دراسات الجدوى الاقتصادية. وخلصت إلى ضرورة التنكب عن الحس التضامني اللحظي، من خلال بلورة إجابة شاملة قصد رفع التحديات التي تنتصب أمام المجتمعات. أما المسؤولة عن منطقة المغرب العربي بالقناة الفرنكفونية “تيفي 5 موند”، زينة برحال، فسجلت الحاجة إلى جعل الثقافة خديمة للإنسان بهدف إشاعة قيم العيش المشترك، مشيرة، في هذا الصدد، إلى برنامج تبثه قناتها ويبرز تعدد وجهات النظر داخل المجتمعات المغاربية، ويسلط الضوء على مواعيدها الثقافية. وأكدت أن رزنامة قنوات “تيفي 5 موند” المبثوثة عبر العالم، تسعى إلى نشر “فرنكفونية القيم”، من خلال التوسل بالثقافة لتغليب مثل الحوار ونبذ العنف. من جهتها، عددت الصحافية الفرنسية، للور أدلر، مناقب الثقافة في نبذ العنف والانغلاق، مشيرة في المقابل إلى أن “ثقافة العنف” مردها أعراض متعددة، ومن ضمنها الدينية. وفي هذا السياق، استشهدت الصحافية الفرنسية بالفيلسوفة هانا أرندت التي اعتبرت الثقافة “خروجا من غياهب الذات نحو الآخر، لكونها تشكل حدثا اجتماعيا”. وخلصت إلى أن الظرفية الحالية شاهدة على تراجع قيم الحرية والتسامح وبزوغ اللاتسامح تجاه فئات مجتمعية، من قبيل المهاجرين، والنساء، محذرة من النزعة النيوليبرالية التي ترى في الربح أفقا أوحد. وينفتح منتدى حقوق الإنسان، الذي ينعقد هذه السنة تحت شعار “قوة الثقافة في مواجهة ثقافة العنف”، على الأفكار والبدائل المتوقعة من أجل عالم أفضل للنساء والرجال القادمين من جميع الآفاق. يذكر أن فعاليات الدورة الثانية والعشرين لمهرجان كناوة وموسيقى العالم افتتحت، مساء أمس الخميس لتتواصل حتى 23 يونيو الجاري، في رحلة استكشاف موسيقي تضم 40 حفلا موسيقيا في مختلف جنبات “مدينة ليزاليزي”.