في لحظة، وبدون أي سابق إنذار، أصبحت أغلبية الصحف والمواقع الإلكترونية، تتبع أخبار وتخلق مواضيع بخصوص، شخص ظهر في “روبورتاج” تافه، يتحدث عن فيروس حمى الخنازير H1N1، جعل نطقه غير السليم لإسم هذا الفيروس، موضوعا يشغل الرأي العام، يصعد على صفحاتك في مواقع التواصل الاجتماعي، بكثرة انشغال صناع “الخبر” المفترضين وأيضا مستعملي الفايسبوك والتويتر بهذه “الظاهرة” التي تثير السخرية أكثر من أي شيء آخر. السخرية أيضا، هي أن ينظم حفل زفاف، فاخر، بحضور مجموعة من المواقع الإلكترونية، لهذا الشاب وزوجته، من قبل خبير تجميل ومنظمة أعراس، جعلا من بؤس هذا الشاب و”جهله” تجارة رابحة للترويج لماركاتهم التجارية، وكذلك بحضور مجموعة من الفنانين، الذين يريدون بدورهم الظهور في فرح مصطنع، والكل مجمِع على استغلال بؤس هذا الشاب وجهله، لتحقيق غايات آنية، فبعض المواقع الإلكتروني تتسابق على نشر "فيديوهات" العرس للرفع من عدد زيارات مواقعها "البئيسة"، ومعدي العرس يقومون بإشهار "تقريبا" مجاني لمحلاتهم "البئيسة بدورها"، وبعض فناني "الغفلة" أيضا قاموا بالتسابق إلى ميكروفونات المواقع من أجل الترويج لصورتهم "البئيسة" من أجل العودة إلى الفضاء العام الفني من خلال استغلال "بؤس إكشوان". فترويج كل هذا البؤس، في قالب ساخر، من الكل، العريس والعروس (الإكشوانيان)، معدو العرس (مستغلو الإشكوان)، وأيضا الفنانين (الذين ارتموا على الإشكوان لظهور مجددا)، لا يعني غير أن كل الذين يدورون في هذه السلسلة فقدوا عقلهم أو ليس لهم عقل من الأساس، وأيضا هو درس لكل لبيب في انهيار الحياء والقيم في الفضاء العام، وفي عدم احترام صورة الإنسان في هذا الفضاء، فلا يمكن بتاتا القبول بهذا البؤس كله من قبل أي عاقل، يستعمل صورة البشر للرفع من المشاهدة أو للترويج لمحل أو لتبييض صورة "فنان" فاشل…، فآليس هذا من أسوأ استغلال البشر والمتاجرة فيه التي يجب أن تتحرك النيابة العامة بشأنها لوقف مسلسل الاستهتار والسخرية بحاجة الناس وجهلم أمام الرأي العام؟ ومن المصائب الأخرى، التي بدأت تروّج بدورها هذه الأيام، أن أحد المنتجين التلفزيين، الذي يستفيد من دعم الدولة لإنتاج أي شيء في شهر رمضان، يعتزم استغلال صورة "إكشوان" البئيسة بدوره لإنتاج "كبسولات رمضانية" سيكون المشاهد مضطر لرؤيتها في لحظة قطع الصيام، وهذه كارثة أخرى لا نعرف ردا لها غير أن يكون داخل هذه القنوات رجل لبيب يوقف هذا الاستهتار بالبشر وعاهاتهم وجهلهم ويمنع الترويج له على القنوات العمومية وبإنتاج المال العام! ألا يوجد فينا شخص رشيد؟ يوقف هذا البؤس ويرفضه، كل من مكانه، ألا يوجد داخل هذه المواقع الإلكترونية شخص رشيد يرفض بث صور البؤس والتفاهة في الفضاء العام الافتراضي الذي يعمّر أزيد من ثلثه أطفال؟ ألا يوجد شخص رشيد في الدولة (بمفهومها العام) بمنع استغلال تاجر ل"بؤس" رجل من أجل الترويج لبضاعته؟ ولا يوجد شخص رشيد بين هؤلاء الفنانين لكي يمنع استغلال البؤس بلافتة الفن ؟