وسط زغاريد نساء الأطلس ورقصات أحواش سوس ونغمات بألوان فولكلورية، بدأت الحشود تتقاطر على المركب الرياضي مولاي عبد الله، الذي توشم باللون الأصفر للاحتفال بانطلاق المؤتمر الثالث عشر لحزب الحركة الشعبية. “الحركة الشعبية بحال شي خيمة معندهاش باب لي يدخل خصو يحني الراس” هكذا نطق ذات مرة الزعيم المؤسس المحجوب احرضان، لكن يبدوا أن هذه المقولة تغيرت مع امحند العنصر الذي ثبت أوتاده داخل خيمة الحركة الشعبية.
مؤتمر في عيون آراء استقاها موقع “كود”، لا يختلف عن المؤتمرات السابقة، بالنسبة اليهم العملية محسومة مسبقا، فالعنصر يبقى وفق تعبيرهم رمزا ل”وحدة الحزب واستمراريته” لن ينافسه أحد إلا في حالة ورود إشارات من “الفوق”. مؤتمر السنبلة نهاية الأسبوع 2829 شتنبر 2018، الداخل إليه لا تعرف هل فعل ترعرع في هياكل هذا الحزب أم جلبته الطقوس الاحتفالية في الأطلس وسوس الى الانخراط في الحزب دون الاطلاع على هويته.
فالنسبة لأحد القادة الذي تحدث الى “كود”، فالحركة الشعبية حزب الأعيان كما أنه يظل الحزب الوحيد في المغرب الذي لا يؤمن بالاديولوجيات، فهو حركة شعب وليس حزب. العنصر.. “الزعيم الخالد” أول الحاضرين امحند العنصر، قيدوم الحركيين، أو الزعيم “الخالد” الذي عمر رئاسة حزب السنبلة لفترة طويلة منذ 96 الى اليوم، كان أول القادمين إلى المؤتمر والذي رافقته قيادات بارزة في مشهد يشبه دخول زعيم إلى قبيلته ويتبرك به الجميع ويباركون له قبل الانتخاب. لعنصر أشبه بزعيم قبيلة، يروي قيادي في الحزب قادم من الأطلس، مضيفا “لعنصر محبوب عند كولشي وبغيناه يبقا وبالنسبة للشباب يصبرو تا تجي وقتهم”. أما (ف.ن) القادمة من الدارالبيضاء فهي تقول إن “العنصر هو الشخص المناسب في المكان المناسب”. وبخصوص استوزار أطر خارج الحزب ثم يتم إلحاقهم بالحزب تقول المتحدثة :” هادشي كاين فجميع الأحزاب باك صاحبي حاضرة”. حصاد وأمزازي وأخنوش.. حركيون بامتياز يقول خالد أولحاج، إطار سابق في وزارة التجهيز والنقل، في حديثه مع “كود” إن ” محمد حصاد وزير الداخلية السابق الذي كان مرشحا لمنافسة العنصر، هو حركي بامتياز قبل استوزاره، لانه كان سيتقدم في الانتخابات لرئاسة الحركة الشعبية سنة 1992، ولما كان وزيرا تعذر عليه ذلك، ولما كان مسؤولا في الدولة أصبح مستحيلا، وعندما كان في مسؤولا على الأشغال العمومية طبق برنامج الحركة الشعبية”. أما بالنسبة لأمزازي وزير التعليم، يقول أولحاج، ” كان قد تقدم في انتخابات بالخميسات لتمثيل الحركة الشعبية سنة 1998″. وزاد المتحدث :” عزيز أخنوش رئيس التجمع الوطني للأحرار فهو كذلك كان ضمن حزب الحركة الشعبية قبل أن يلتحق بحزب الحمامة ويترأسها”. يروي أحد المؤسسين للحركة الشعبية في الشمال ” المغاربة كلهم حركيين، لأن الحزب ليس مستوردا من سوريا أو فرنسا نحن حزب الشعب”. البيجيدي والأحرار.. خصومة في مؤتمر السنبل كان لافتا للانتباه، عندما ترجل قادة تحالف الحكومة من سياراتهم الفارهة من أجل الجلوس في المنصة المخصصة لهم بالجلسة الافتتاحية. معالم الغضب بادية في نظرات قادة العدالة والتنمية، تجاه حليفهم التجمع الوطني للأحرار، فعندما وصل رئيس الحكومة سعد الدين العثماني إلى المركب الرياضي، كان الطالبي العلمي برفقة عزيز اخنوش رئيس التجمع الوطني للأحرار. أخنوش تقدم بالسلام على العثماني الذي يزال يعاني من الم في رجله جراء حادثة وقعت له سابقا، لكن المفاجأة أن السلام كان باردا، فحتى أن الطالبي عندما حاول التقدم للسلام على العثماني سرع الأخير نحو الذهاب. الانقسام الحكومي بدا واضحا في مؤتمر السنبلة، ادريس لشكر، الكاتب الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي اختار التخندق مع التجمع الوطني للأحرار فهو لم يفارق عزيز اخنوش، حتى أنه انسحبوا معا. أما نبيل بنبعد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، وبرفقته خالد الناصري، السفير المعين في الأردن الذي لم يلتحق بعد، كانوا بجانب العدالة والتنمية، وهو ما يكشف عن انقسام قوي في التحالف الحكومي. لكن المفاجأة أن قادة الحركة الشعبية استدعوا كل من العثماني وبنعبد الله لإلقاء الكلمة في الجلسة الافتتاحية فيما انسحب كل من لشكر واخنوش، فيما لم يظهر أي أثر أو تأثير لوجود حزب الاتحاد الدستوري. الحركة الشعبية بين اليوم والأمس سعدون، مسؤول قيادي في الحركة الشعبية قادم من تطوان، يعتبر أن حزبه امتداد لحركة التحرير الشعبية، ويشكل إضافة للمشهد السياسي. وأوضح سعدون أن “العنصر عنصر وحدة الحزب وعلى الشباب أن يراعي المستقبل”، مضيفا :” بالنسبة لأسلالو هو شاب عليه الانتظار قليلا”. وتابع المتحدث “الحركة تستوعب الكل هذا هو الفرق”. وبالرجوع الى وثائق الحركة الشعبية منذ حصولها على الاعتراف القانوني في فبراير1959، ففي محور الهوية الوطنية ومنظومة القيم ورد في الوثيقة أن «الحركة الشعبية واجهت منذ تأسيسها دعاة ومناصري أحادية اللغة والثقافة وكل التيارات التي كانت تهدف إلى مسخ معالم الهوية المغربية باعتماد ثقافة وقيم غريبة عن المجتمع المغربي ولا تمت بصلة لتاريخه وحضارته”. ويبقى النضال للفئات التي تعيش في القرى، أقوى ما يتم ترديده في برنامج الحركة الشعبية، إضافة لترسيم الأمازيغية. أبو أيوب.. مرشح قوي أبعدته السفارة حسن أبو أيوب، السفير المغربي برومانيا، الذي اختير في لائحة التعيينات الأخيرة، كان اسمه مرشحا لمنافسة امحند لعنصر، هو ابن منطقة تافراوت، لديه علاقات قوية وصداقات مع قادة الأحزاب السياسية المغربية، راكم تجارب عدة، كانت له نظرة تحديثية للحركة الشعبية. هذا الاسم الذي أرعب المركب التقليدي في المكتب السياسي لحزب السنبلة، حضر في المؤتمر، قال لمقربين منه إنه فضل المجيء والمشاركة بالنقاش للمساهمة في تطوير الحزب، بالرغم أنه عين سفيرا وحضوره يقتضي أخذ الإذن.