أكد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، نزار بركة، أن برنامج عمل المجلس برسم 2018 يراهن بالأساس على تقوية قدراته من خلال اعتماد أهداف ومؤشرات لتتبع إنتاجاته ونجاعتها، وذلك في إطار استراتيجية ميزانياتية متعددة السنوات. وأوضح بركة في معرض تقديمه لميزانية المجلس برسم 2018 أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، الجمعة الماضية، أن تقوية قدرات المجلس تمر أيضا عبر دعم استراتيجيته التواصلية من خلال مواصلة تنظيم لقاءات إشعاعية على مستوى الجهات من أجل تقديم أراء وتقارير المجلس، وإبرام اتفاقيات التعاون مع الشركاء المؤسساتيين لتقوية التفاعل مع الآراء الاستشارية للمجلس، فضلا عن تعزيز التواصل مع الجامعات ومؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، وتحسين الرصيد الوثائقي.
في سياق متصل، أبرز بركة أن الميزانية المرتقب تخصيصها للمجلس برسم 2018 سترتفع إلى أكثر من 122 مليون درهم، مسجلة بذلك ارتفاعا بنسبة 1.47 في المائة، مقارنة بميزانية السنة الحالية، موضحا أن نفقات التسيير انتقلت من 108 مليون درهم سنة 2017 إلى 110 مليون درهم خلال السنة المقبلة، في ما ستعرف ميزانية الاستثمار استقرارا لتظل في حدود 12 مليون درهم.
وأوضح أن المجلس سيعمل من خلال أنشطته على تحسين الجودة وإنضاج النقاش والمساهمة في الاختيارات التنموية الكبرى، وذلك عبر تقريب وجهات النظر بين مختلف الفرقاء الاجتماعيين والاقتصاديين واعتماد نهج تشاركي واسع يستوعب آراء وأفكار كافة الفئات المكونة للمجلس.
وبخصوص مخرجات الدراسة التي أنجزها المجلس حول الثروة الاجمالية للمغرب في الفترة ما بين 1999 و2013، والتي جاءت استجابة لتكليف ملكي سنة 2014، أشار بركة إلى أن قيمة هذه الثروة تجاوزت الضعف، بالأس عار الجارية، ما بين سنتي 1999 و2013، حيث انتقلت من 5.904 مليار درهم إلى 12.833 مليار درهم.
وخلصت الدراسة أيضا إلى أن أهم محرك لنمو الثروة الوطنية يتجلى في الرأسمال غير المادي، والذي يشتمل على الرأسمال البشري والرأسمال الاجتماعي والرأسمال المؤسساتي، فضلا عن مكونات أخرى للرأسمال الوطني، والمتمثلة في الاستقرار والتاريخ والمكون الشعائري والثقافي.
وحسب ذات الدراسة، يضيف بركة، فإن مساهمة الرأسمال غير المادي في خلق الثروة الوطنية خلال الفترة ما بين 1999 و2013، والتي تقدر بنحو 60 في المائة، تظل مع ذلك دون حجمها المتوسط في الثروة الإجمالية للبلاد والذي يبلغ 72 في المائة.
واعتبر أن هذا التطور يترجم، من جهة، التفاوت المسجل بين الإصلاحات التي تتحقق لصالح التنمية البشرية وتعزيز التماسك الاجتماعي وتحسين البناء المؤسساتي، وآثارها الفعلية على الرأسمال غير المادي، كما يترجم، من ناحية أخرى، كون الرأسمال الوطني غير المادي هو مصدر موارد هامة تظل غير مستغلة بما يكفي، ومن شأنها تسريع وتيرة نمو الثروة الإجمالي ة للبلاد.
وأبرز بركة أن أهم الدروس المستخلصة من هذه الدراسة تتمثل في تسجيل معد ل استثمار هام (أكثر من 30 في المائة من الناتج الداخلي الخام خلال الفترة ما بين 1999و2013)، توازيه بالمقابل مردودية ضعيفة على مستوى النمو الاقتصادي، فيما أن بلوغ عتبة جديدة من النمو قاربت 5ر4 في المائة سنويا، لم يواكبه ارتفاع على مستوى التشغيل.
كما أفضت هذه الخلاصات، يضيف بركة، إلى تسجيل نمو قوي لمتوسط الدخل بالنسبة للفرد الواحد، غير أن الفوارق بقيت متواصلة على مستوى الدخل بين الجهات.
وشدد بركة على أن المجلس سيواصل خلال السنة المقبلة صياغة آرائه وتقاريره في إطار الإحالة الذاتية، والتي ستهم عددا من المواضيع، من قبيل المبادلات الاقتصادية بين المغرب والدول الافريقية، والنظام العقاري والرصيد العقاري، والهجرة وسوق العمل، والاقتصاد الأزرق، فضلا عن التقرير حول الظرفية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وسياسة الإسكان في العالم القروي، وتثمين القدرات الجهوية كمحرك للنمو.
وشدد بركة على أن عمل المجلس يحرص على أن تكون آراؤه وتقاريره والدراسات التي ينجزها ذات جودة شكلا ومضمونا، وتحمل قيمة مضافة، وتمثل مساهمة نوعية في تناول مختلف الإشكاليات التي ينكب على تحليلها ودراستها والتي تهم المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والقضايا المتعلقة بالتنمية المستدامة والجهوية المتقدمة.