"حراك البلاغات" يشتعل تضامنا مع الريف. هيئات وتنظيمات أصدرت بلاغات حول ما حدث، أخيرا، في إقليمالحسيمة. والبداية جاءت من فرع بني بوعياش للجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين بالمغرب، الذي أصدر بيانا طالب فيه بإطلاق سراح محمد الحنكاري، عضو مكتب الجمعية، الذي اعتقل، أول أمس الاثنين، في حاجز أمني بإمزورن. وأوضح بيان للجمعية أن الحنكاري اعتقال بسد قضائي بإمزورن، واقتيد رفقة الإعلامي حكيم بنعيسى (افرج عنه) إلى مخفر الشرطة بنفس المدينة، حيث لازال يوجد رهن الاعتقال.
واعتبر أن اعتقال الحنكاري بمثابة "ضريبة عن معانقته لهموم الجماهير الشعبيى"، مطالبا بالإفراج الفوري على كل المعتقلين وعلى راسهم محمد الحنكاري.
وكشفت مصادر من عائلة الموقوف أن الأخير وجهت له تهمة "إهانة موظف أثناء أداء عمله"، حيث كتبت وسام الحنكاري شقيقة محمد تدوينة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك قالت فيها "أخي محمد الحنكاري، كان يناضلُ في صفوف حملة الشهادات المعطلين، فرع بني بوعياش. أخي لم يُهن أيّ موظّف أثناء أدائه لعمله.. أخي بشهادة صديقه الذي كان يرافقه وحاضراً لحظة اعتقاله حكيم بنعيسى لم ينطق ببنت شفة، ولم يتحدّث لرجال الأمن نهائياً. فلماذا تلفّقون له تهمة "إهانة موظف"؟ لماذا تظلمون الأبرياء؟
كما طالب عبد العزيز أفتاتي، القيادي في حزب العدالة والتنمية، من زميليه في الحزب مصطفى الرميد وزير حقوق الانسان في الحكومة المغربية، وسعد الدين العثماني رئيس هذه الأخيرة، بتقديم استقالتهم، على خلفية الأحداث التي تشهدها مدينة الحسية، مُعتبراً أن صمتهم غير مسؤول وينم عن تواطؤ مع الجهات التي تقود الأمور الى التأزيم على حد قوله.
وأضاف أفتاتي، في تصريحات صحفية، أن "هناك مسؤولية مشتركة للدولة والحكومة والأحزاب فيما يقع بالحسيمة، لأننا أصبحنا وكأننا نعيش في غابة بدون أي دور للمؤسسات.
وعلاقة بالموضوع، اتهم افتاتي ما أسماهاً ب"أركان الظلامية" داخل الدولة العميقة بتسريب معطيات ل"الحزب البئيس" في اشارة الى حزب الأصالة والمعاصرة، حول الحسيمة خاصة بعد تقدمه بالدعوة لفتح تحقيق برلماني ليأتي بعده مباشرة بلاغ الديوان الملكي حول فتح تحقيق وزاري لتحديد المسؤوليات حول مشاريع الحسيمة، ونفى في هذا الصدد وجود أي علاقة بين تأخر المشاريع بالحسيمة واحتجاجات ساكنة الريف، معتبراً ذلك تحويراً للنقاش "لأن الساكنة تريد الكرامة والخبز والشغل وتقاسم الثروة.
كما أدانت كل من الهيئة الحقوقية لجماعة العدل والاحسان، وكتابة حزب النهج الديمقراطي بالحسيمة وكذا كتابته الوطنية، العنف الذي أبدته القوات العمومية مع المحتجين بالحسيمة، أول أمس، المتزامن مع عيد الفطر.
وقالت الهيئة الحقوقية لجماعة العدل والإحسان، في بيان لها، إنه في الوقت الذي كان فيه الرأي العام الوطني والدولي يترقب إفراجا عاما عن معتقلي حراك الريف، وخطوات شجاعة من قبل الدولة لتلبية المطالب المشروعة لأهل الريف ولعامة المغاربة، تتدخل القوات العمومية بعنف مفرط ضد المحتجين بمدينة الحسيمة لمنع مسيرتهم الاحتجاجية التي دعوا إلى تنظيمها.
وأضافت الهيئة أنها تتابع بقلق كبير ما أسمته ب "تماطل الدولة في التعامل مع احتجاجات الريف، والتردد الذي طبع تعاملها مع المطالب الاجتماعية المشروعة للساكنة"، مُستنكرة مسلسل الاعتقالات والمحاكمات والتدخلات العنيفة وكل أشكال التعذيب والمعاملة الحاطة من الكرامة التي يواجه بها أهل الريف ومن يتضامن معهم في مختلف مناطق المغرب، ودعت في هذا الصدد الجهات المعنية إلى تحمل مسؤوليتها التاريخية في خدمة الوطن، ومراعاة مصالح الشعب الذي هو أساس الدولة، على حد تعبير البيان.
ومن جانبه، قال حزب النهج الديمقراطي بالحسيمة، إن السلطات الأمنية لم تجد من وسيلة لتقديم تباريك العيد لأبناء الريف سوى البطش بهم في الشوارع ومطاردتهم وشن حملة ترهيب واسعة بالحسيمة ونواحيها خيمت عليها أجواء الصراخ والبكاء بمناسبة يوم العيد الذي خيم عليه حزن وكآبة أثرت عميقا على المشاعر الانسانية للمواطنين والمواطنات، وفق ما جاء في بيان أصدرته كتابة الحزب بالحسيمة.
وأضاف بيان رفاق البراهمة بالحسيمة أن السلطات بدأت تفقد صوابها بالكامل ودخلت مرحلة الإصابة بالهستيرية بعدما عجزت عن إيجاد تفسير لصمود أبناء الريف في وجه الآلة القمعية، رغم بطشها، هذا الصمود الذي قال عنه البيان أنه "أفشل كل المناورات التي تخطط لها أجهزة النظام، كل مرة، لنسف الحراك الشعبي يقابله تحدي واضح من الشعب الذي رفض القبول بأنصاف الحلول ويريد تحقيق مطالبه الآن وبدون تأجيل وعلى رأسها إطلاق سراح كافة المعتقلين الذين تم الاحتفاظ بهم كرهائن لمقايضتهم بالحراك.
وأكد بيان النهج أنه لا مجال لأي حل ممكن للأوضاع إلا بإطلاق سراح فوري لكل المعتقلين وتوقيف المتابعات ومباشرة المفاوضات مع نشطاء الحراك وتقديم كل من تسبب فعليا في احتقان الأوضاع للمحاكمة والمحاسبة، مُحذراً من مغبة الاستمرار في السحل والتنكيل لما يشكله من خطر حقيقي قد يؤدي إلى إزهاق الأرواح، وهو ما سيفتح المنطقة كلها والمغرب عموما على ما لا يحمد عقباه.
واندلعت في الساعات الأخيرة من أمس الثلاثاء (27 يونيو 2017)، مواجهات عنيفة بين متظاهرين والقوات العمومية بإمزورن، عقب محاولة هذه الأخيرة تفريق احتجاج خاضه العشرات من الشباب. وكان المحتجون اختاروا مرتفعات حي ايث موسى وعمر، لتنفيذ احتجاجهم المطالب باطلاق سراح المعتقلين ورفع مظاهر "العسكرة" من المنطقة، إلا أن ذلك لم يثني القوات العمومية المشكلة من عناصر التدخل السريع للشرطة والقوات المساعدة، عن التدخل لفض الاحتجاج، مما تسبب في نشوب مناوشات تحولت الى مواجهات عنيفة.
وتبادل الطرفين التراشق بالحجارة، فيما وظّفت القوات الأمنية القنابل المسيلة للدموع لتفريق المحتجين واستمرت المواجهات الى ما بعد منتصف الليل، وتتمركز في محيط حي السكن الشعبي، وقرب حي ايت موسى وعمر.
وفي مدينة بني بوعياش، اختار محتجون هضاب حي بوغرمان، لتنفيذ احتجاج انطلق قبل منتصف الليل، حيث رفع المحتجون شعارات تُطالب بالافراج عن المعتقلين ورفع "العسكرة"، وأخرى تؤكد على التشبث بالحراك وخطى الزفزافي.
واستنفر هذا الاحتجاج المفاجئ السلطات الأمنية ببني بوعياش، التي حشدت عناصرها إلى الحي المذكور، والذي يبقى مستبعداً لصعوبة الوصول الى مكان الاحتجاج ووعورة المسالك المؤدية إليه.
وفي مدينة الحسيمة، احتج مواطنون في حدود الساعة العاشرة ليلا، ولمدة ساعة من الزمن، عبر قرع الأواني ورفع الشعارات من فوق سطوح المنازل، تنديداً بالمقاربة الأمنية التي تنهجها السلطات مع الحراك، وللمطالبة بالافراج عن المعتقلين وتحقيق المطالب.