"هاد ويكيليكس والله يلا عجيب". الموقع الشهير الذي أًصبح متخصصا في فضح عباد الله في كل مكان من العالم, والذي أطلقته جهة ما في الولاياتالمتحدة لكي يكشف لنا مرة بعد مرة أسرارا جديدة بخصوص كل الدول وكل الأشخاص, وكل الجهات أصبح الشغل الشاغل اليوم لعالمنا ولسياسيينا أساسا, وأضحى كنزا لاينضب لمعلومات تتفاوت في أهميتها لكنها كلها تلتقي في كشف جوانب خفية عن المواطن العادي, يمكنه اليوم أن يتلقاها على لسان الأجهزة الديبلوماسية الأمريكية مروية بشكل موثق للغاية من طرف سفراء وقناصلة ومبعوثين كنا نعتقد أنهم يصونون السر السياسي الذي يجمعهم بنظرائهم, قبل أن نكتشف أن لهؤلاء التزاما تجاه بلدهم يجبرهم على أن يقولوا كل شيء, دون أي استثناء الموقع الذي يملكه جوليان أسانج علنيا, والذي لايعرف من مالكه الحقيقي سريا, طالما أن حجم وطبيعة المعلومات التي يسربها هي أكبر بكثير من أن يصدق أي عاقل أنها شأن فردي من تدبير بضعد أفراد فقط, أصبح اليوم حدثا فعليا في كل مكان. وفي المغرب لم نسلم بالتأكيد من هذه العدوى, بشكل متقطع لكن مؤثر, وآخر "ضحايا" هذا الموقع وهذه التسريبات هي عمدة مراكش فاطمة الزهراء المنصوري عمدة مراكش التي كشف الويكيليكس أنها تباحثت مرتين على الأقل مع السفير الأمريكي في شؤون سياسية محلية تهم مدينتها وتهم حزبها وتحالف هذا الحزب مع العدالة والتنمية الذي يعد نظيا عدوه الأكثر شراسة في المشهد السياسي المغربي.
من يتابعون تسريبات الويكيليكس يلاحظون أن سياسيي المغرب من الإسلاميين إلى الحداثيين يحرصون كل مرة على إيصال تصورهم لما يقع في البلد إلى السفارة الأمريكية أو إلى المسؤولين الديبلوماسيين في بلاد العم سام, لإيمانهم القطعي أن ماما أمريكا هي التي تصنع الربيع والجو الماطر في الدول التي تشبه دولنا, ومن اللازم استئذانها في الكثير من القضايا التي تطرأ في البلد, أو أخذ إذنها في المواقف التي تريد هذه الأحزاب اتخاذها.
أكثر من هذا امتدت عدوى التواصل مع الأمريكيين وإيصال كل شيء إليهم إلى الإسلاميين المتطرفين الذين يفقدون تطرفهم حين يصلون أمريكا, ويصرون مثل "الجهاديين" أو "العدالة والتنمية" أو "العدل والإحسان", على أن يوصلوا كل شيء إلى الصديقة أمريكا لكي يكونو على بينة من أمرهم, ولكي يهيئوا للأيام المقبلة إذا مادانت لهم الأمور, كل اللوازم لكي تكون مسائلهم كلها على مايرام.
هذه الخصلة تطرح السؤال الكبير اليوم على الفاعلين في المشهد السياسي المحلي, عن هذا الارتباط, وعن دلالاته الفعلية خصوصا وأن عددا كبيرا ممن يتواصلون باستمرار مع الأمريكان _ مثلما تكشف ذلك تسريبات الويكيليكس _ يحرصون في مظاهراتهم وتصرحياتهم العلنية على سب أمريكا وترديد عديد الشعارات التي تدينها هي وسياستها في المنطقة, والتي تؤلب عليها الشعوب وتدفعها إلى كرهها, علما أنهم في اللقاءات الجانبية أو السرية مع نفس "الأمريكا" يتحولون إلى كائنات أليفة ووديعة للغاية, تنقل كل شيء بالنقطة والفاصلة, وتحرص على استمرار عملية النقل الحرفية هاته على الدوام.
لذلك يستحق الويكليكس أن نشكره كثيرا, فعندما يقدم لنا خبرا مثل خبر تخابر المدير العام للجزيرة القطرية مع الأمريكان ومع وةكالة الاستتخبارات المركزية فيها, أو عنددما ينقل تصريحات مسؤولين من العدل والإحسان في المغرب وهم يتحدثون عن كل القضايا الحيوية التي تهم البلد, والتي لانعرف لماذا يحرصون على إيصالها بالتحديد إلى الولاياتالمتحدة ومختلف قياداتها .
لاعيب نهائيا في التنسيق مع كبير هذا العالم, ولا مشكل في التواصل مع البلد الذي يسير عن بعد وبآلة تحكمه الغريبة الكرة الأرضية, ويحدد للشعوب من يستحق حكمها في لحظة من اللحزات ومن عليه أن يجمع متاعه القليل أو الكثير ويرحل, لكن المشكل يوجد أساسا في التناقض بين الأقوال وبين الأفعال وفي ترديد شعارات كبرى أغلبها كاذب عن العلاقة مع "امريكا الطاعون" مثلما وصفها الشاعر مرة, وبين تواتر اللقاءات السرية, وانتظامها وحملها كل مرة للجديد الذي يحرص هؤلاء الصارخخون على إيصاله إلى الأمريكانز
ومرة أخرى نقولها أن تلقتي جهات حداثية أو محسوبة على الصف الحداثي لكي تنسق بشأن الوضع العام في البلد مع هذه الدولة, أو لكي تقدم وجهة نظرها لبلد يحرص مسؤولوه على أن يعرفوا آراء كل الفاعلين السياسيين فيه "من الطرف حتى للطرف", فهذا أمر يبدو في عداد المقبول, لكن أن يصيح الصائحون في الشارع "أمريكا عدوة الشعوب"' وأن يسارعوا فور الانتهاء من الصراخ في المظاهرات إلى نفس "الأمريكا" لكي تنقط لهم وتمنحهم شهادة حسن السيرة والسلوك, ففي الأمر كثير التناقش الذي كنا نحسه من قبل ولا نملك عليه دليلا, إلى أن اتى هذا الويكليكس الذي وصفناه بالعجيب في بدء الكلام, فمكننا من العثور على بداية تأكيد عملي للظنون الكثيرة التي كنا نشك فيها.
"الناس مكونيكطيين معا الميريكان, هادي مافيها لاشعارات لا مولاي بيه".
ملحوظة لاعلاقة لها بماسبق الاعتراف الجميل الذي قدمه كاد المالح ببأداء الفنان أحمد السنوسي "بزيز", وتنديده باستمرار منع عرض هذا الفنان في المغرب, والتنويه الآخر بعدد من الكوميديين المغاربة على لسان المالح وهو يقدم عرضه الفني الذي أتى به إلى بلده المغرب ومدينته البيضاء, خطوتان تدلان على روح فنية كبيرة تميز هذا الفنان الجميل, وحركتان تثبتان أن التألق الفني يسير بالتوازي الكامل مع التألق الأخلاقي ومع التواضع الجميل الذي يعد سمة هذا الفنان البارزة.
ونحن ننصت لغاد يتحدث عن الفنانين المغاربةو تذكرنا بعض "ّكبار الرؤوس الفارغة" لدينا وقلنا لأنفسنا "الفرق يكمن في هذه النقطة بالتحديد بين الموهوبين حقا وبين الأدعياء