في الوقت الذي شحذ فيه أردوغان سيفه، بعد فشل الانقلاب العسكري بتركيا، لتصفية حساباته مع معارضيه، مهددا بإعدامهم، جيش الوزير عبد العزيز رباح كتائبه "الفيسبوكية" للنيل من "الصباح"، ووأد كل وسائل الإعلام التي لا تدين له بالولاء. "الطبع يغلب التطبع"، حكمة بليغة تلخص حال الوزير الذي كشفت تدوينته في "فيسبوك" عن عداوته "الجينية" لحرية الرأي والتعبير، فلجأ إلى التخوين والسب والقذف في حق كل من يعارض فصيلة "الأردوغانيين" بالمغرب، فالانتماء إلى حزب العدالة والتنمية التركي عنده دين جديد أولى من الانتماء إلى قيم الديمقراطية والحق في الاختلاف. ما الذي أخرج عبد العزيز رباح عن رشده؟ أكيد أن علاقاته بالمغانم التركية جعلته يرى في موقف "الصباح" جهادا يحسب له في ميزان الحسنات عند أردوغان، ولو استدعى ذلك الكفر بقيم حرية التعبير والحق في الاختلاف. آسف أيها الوزير، لا ولاء لنا إلا للوطن، ولتشرب ماء البحر الأبيض المتوسط في أنقرة، ولا إيمان لنا إلا بقيم الديمقراطية، ولا نقدس إلا الثوابت الوطنية والمعتقدات الدينية والقيم الكونية، أما أنت فقد نبض قلبك بحب أردوغان واستبداده. "الصباح" شامخة، فقبلك شن أعداء الحرية حروبا ضدها، وصمدت، وخطط منافقون وماكرون لاستهدافها، ففازت بصبر قرائها وولائهم لخطها التحريري، ولم يزعزع أحد ثقتهم بها قيد أنملة، فتذكر ذلك جيدا، ولا يغرنك كرسي الوزراة للتمادي في حقد أعمى، فغدا تغادره، وتستمر "الصباح" في رسالتها الإعلامية بكل إخلاص وتفان. وصفنا بمعاداة الإنسانية، لأننا امتلكنا شجاعة عدم الانسياق إلى تفكيره "الأردوغاني"، وحمدا لله أن في البلاد عقلاء يحكمون، فلو تركت المسؤولية ساعة واحدة في يد رباح ومواليه لأعد المقاصل لإعدام مخالفيه في الرأي، ووضع صحافيينا في السجون، تماما مثل ما يفعل أردوغان، الآن، فقد منع ثلاثة ملايين تركي من السفر، واعتقل آلاف الجنود، وسرح المئات من رجال الشرطة، دون امتلاك دليل واحد على مشاركتهم في الانقلاب… إنها الديمقراطية على طريقة رباح، فهو لا يتنفس إلا هواء اسطنبولوأنقرة. إنه الظلام الذي يبشر به رباح، وليس دفاعا عن الديمقراطية كما يدعي، فلا نرى تضامنا منه مع محنة الشعب السوري أو مساندة للأشقاء في اليمن، أو تضامنا مع شعوب لبنان والعراق، أو استهجان العلاقات الوطيدة لحبيبه مع إسرائيل، فخطه الأحمر يقف، فقط، عند أردوغان… فطوبى لك به، وطوبى لنا بالانتماء للوطن والعروبة والإسلام. لن نرد على أكاذيب رباح، رغم امتلاكنا كل الأدلة على بهتانه، فهو وأمثاله لا يخيفوننا، وجيشه الإلكتروني، لا يرعبنا، لأن "الصباح" ظلت مدافعة عن حب الوطن وقيم الديمقراطية والحق في الاختلاف وحرية التعبير، فلا تمارس التقية، ولا تستفيد من الغلة وتسب الملة.