سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هنيئا لنا على التخلص من حكيمة الحيطي! مباشرة بعد ذهاب الوزيرة سيُصبِح المغرب نقيا ونظيفا، فالقضية كما يبدو لا تتعلق بالنفايات، بل بشخص هذه المرأة التي جعلنا منها وحشا واتحدنا جميعا من أجل القضاء عليها
هنيئا لنا جميعا. هنيئا لنا على هذا الإجماع وهذه اليقظة. فكل المؤشرات تدل على أن نهاية الوزيرة حكيمة الحيطي صارت قريبة. وبعد ذلك سننعم ببلد نقي وخال من التلوث والنفايات والأزبال والقاذورات وسيحسدنا العالم، ومن فرط نظافتنا وبيئتنا السليمة سينبت اللبلاب في رؤوسنا، وستعرش أيدينا، وستزهر ورود في أكفنا، وستتحول أصابعنا إلى أوراق أشجار خضراء، وسنصير بيو، وفي انسجام تام مع أمنا الطبيعة، وستحط علينا العصافير، وتزقزق، وتنام الفراشات على جفوننا. هنيئا لنا بهذه الحملة المسعورة. أيام قليلة، أو ساعات، ويزول الخطر الذي كان يتهددنا جميعا. والخطر اسمه حكيمة الحيطي والوحش هي. والكل يترقب ذهابها. غدا، أو بعد غد، ستذهب. فلم أشعر يوما أننا شعب ودولة نعيش في الترف إلا مع هذه القضية. لكن مازلت لم أقتنع بالأمر. ومازالت لم أصدق أن ما يحدث يتعلق فعلا بحرصنا على البيئة. وشيئا فشيئا تتضح الصورة وأن الذي حرك الحملة، لا تعنيه النفايات بل رأس الوزيرة، والخطة، لحد الساعة، تسير بنجاح. هنيئا لنا بصمت بنكيران. هنيئا لنا بتبخر حزب اسمه الحركة الشعبية وعدم تدخله في الموضوع، رغم أن الوزيرة تنتمي إليه. هنيئا لنا بالتضامن الحكومي الصامت. هنيئا لنا بأن لا أحد يحمل المسؤولية للحكومة، مع أن لا جريمة ثابتة لحد الساعة، والكل مصر على تحميلها لحكيمة الحيطي. وشيئا فشيئا يتضح أن الخطر ليس هو النفايات بل الوزيرة وشيئا فشيئا سيظهر أن هذه النفايات ستستمر في الوصول إلى المغرب، والشرط هو إبعاد "أصل الشر"، وهو الوزيرة. وكم من نكتة خرجت من رحم هذه القضية وكم من دعوة إلى رد النفايات إلى أصحابها وكم من عالم اكتشفناه وكم من خبير في موضوع ليس بمستطاع أي منا الحسم فيه بينما المقصود هو حكيمة الحيطي، والجميع اليوم ضدها، حتى الحكومة، حتى المعارضة، حتى عبد القادر اعمارة، حتى المشتغلون معها. حتى بنكيران، الذي يتحدث عن كل شيء، ويثرثر في كل المواضيع، وفي كل التفاهات، صار في هذه اللحظة حكيما ومتحفظا، ويرفض الكلام. وفي صمته إدانة لوزيرته. بينما هو بريء وحزبه مشغول بالخط وبالانتخابات وبالتحكم كأنه غير معني، وكأنه ليس رئيس حكومة، وليس المسؤول الأول. والمهم هو المقاعد والمهم هو الرتبة الأولى ومعارضة العدالة والتنمية لنفسه. هنيئا لنا على هذه الشخصنة هنيئا لنا على هذا الحلف المقدس بين الأصدقاء والخصوم، وبين الوزراء ضد وزيرة في الحكومة هنيئا لنا على هذا التواطؤ واختيار الحلقة الأضعف هنيئا لنا على الحد من طموح امرأة مغربية والانتقام الجماعي منها وهنيئا لها بحزبها الذي لم يعد هناك من سبب يدعو لوجوده بعد أن حصل ما حصل هناك رائحة عطنة تزكم الأنوف وهناك نفايات في السياسة المغربية وهناك انتقاء دقيق للضحية الضحية الوحش الضحية التي كانت تخطط للقضاء علينا وتدميرنا وقد اكتشفناها وحاكمناها وشوهنا صورتها وضحكنا منها ومن ملامحها ما أبشعنا أيها المغاربة حقا ما أبشع يقيننا وما أبشع إجماعنا على شخص واحد واتحادنا للنيل منه ومن كرامته غريبة فعلا هذه القضية وغريب أكثر أن لا أحد اتهم الدولة ولا أحد اتهم المؤسسات ولا أحد اتهم الحكومة وغريب أكثر هذا التركيز على حكيمة الحيطي وحتى لو كانت مذنبة وحتى لو ارتكبت أخطاء وحتى لو جلبت النفايات من مكب قمامة في ملكية الشيطان فإن ما تعرضت له يجعلها بريئة وضحية لشعبها وحكومتها ودولتها وصحافتها ولكل الذين تخلوا عنها وللذين قدموها كقربان وانتقموا منها ولعبوا بعقول المغاربة الذين يغمرهم الآن فرح عارم بالتفرج عليها وهي محاصرة والجميع يقذفها بالحجارة فياله من ترف كما لو أننا في دولة أخرى كأنه ليس المغرب كأن حكيمة الحيطي وزيرة في حكومة اليابان وعجبا أن لنا رئيس حكومة وحزب يريان الدولة العميقة ويريان التحكم والعفاريت ولا علم لهم بموضوع النفايات بل الأفظع أنهم يشاركون بطريقتهم في لف حبل المشنقة حول رقبتها ويصرخون ويحتجون مع المحتجين.