كلما شاهدت زيان أتذكر كبريت "السبع" كلاهما قابل للاشتعال في أي لحظة، لن تحتاج إلى مجهود كبير مع الاثنان يكفي فقط أن تمسك بهما بين السبابة والابهام وتطلق الشرارة لترى النار تلهث وراء أصابعك، ولكن إشتعال زيان يعجبني، أعشقه، وأعشقه أكثر حين يشتعل بالكحول، ومع كامل الاسف، هناك من يختار التنكوقراط، ويترك العالم المتبحر محمد زيان دون منصب، ودائما كنت أقول أن الحكومة ناقصة، ويلزمها صديق للوفا، وكان زيان دائما ينتظر التعديل الحكومي، وبقي صامتا دون أن يتكلم للصحافة، ويحترم التعديل الحكومي، وفي كل تعديل يزداد التكنوقراط ويبتعد زيان خطوة عن الفرجة، ويزداد إحباطي. كيف يمكن أن يجتمع القوم ويختارو الوزراء دون أن يستدعوا عالمنا المتبحر في علوم السياسة محمد زيان، ألا تخافون الاسد، ألم يعد زئيره يخيفكم، هل تعتقدون أن أسد مينورا قد شاخ وشاخت همته؟، أنتم مخطئون، زيان حي لا يموت، وستفنى حضارتنا، وستتعاقب الحضارات، وسيموت الجميع، ويأتي جنس آخر، وحضارة أخرى، وينقبون عن آثارنا، ليجدوا زيان لا يزال حيا، وسيشتعل بينهم، وبجانب آثار العصر الطباشيري، والاسمنتي والفولاذي سيكون زيان أيقونة العصر الكبريتي، وسيكرم في زمن لا تكنوقراط فيه، وهذا حال العظماء، لا أحد يفهمهم في عصرهم، وقد إتهم ماجلان بالهرطقة، وأعدم النبي زكريا، وهذا ما يقع لزيان، الكل يلهث وراء التكنوقراط، ولا أحد يصوت على زيان، لا أحد يصوت على الاسد رغم أن أول حلاقة يقوم بها الفتى للحيته وشاربه خفية تكون برمز زيان، ويختفي الشاب في الحمام ويحلق بمينورا الاسد، وأول سيجارة يدخنها تكون بكبريت زيان، ورغم كل هذا، الجميع يتنكر له. وأنا جد موقن أن ملايين المغاربة لا يعرفون أن زيان هو صاحب أول حزب متشرد، أنا متأكد أن لا أحد يعرف بأن حزبه أسس في الشارع في عهد البصري، وأنه أول وزير حقوقي يستغل فرصة سانحة ويستقيل قبل أن يقال، ورغم كل هذه البطولات، لا أحد رشح زيان ولو مزاحا في التعديلات الحكومية، وبقي الدور الرئيسي إلى جانب الوفا غير شاغر، وإني الآن أطلق مطلبا شعبيا، وأطالب بتعيين زيان في التعديل الحكومي الاخير، وفي الانفاس الأخيرة للحكومة، نريد الفرجة، وقبل الانتخابات نريد أن تحضر النكتة، وإذا كان لبرشلونة ثلاثي قاتل، فإننا نطالب أن يكون للحكومة ثلاثي خطير، بدءا من قلب الهجوم بنكيران والجناح الايمن محمد الوفا وإنتهاء بزيان ليملأ الجناح الايسر الذي لم يملأه اليساري بنعبد الله وقرر تغيير مكانه واللعب معتدلا في الوسط، والميركاطو الصيفي على الابواب، وعقد زيان مع المعارضة إنتهى منذ زمن بعيد، ولا أحد قدم عرضا ولو لم يكن مغري لضم زيان إليه، وتنكر له إلياس العماري قائد المعارضة، وتنكر له بنكيران قائد الاغلبية، وبقي هو وحيدا يرى أن هناك لاعبين غير أساسيين دخلوا اللعبة، وبقي هو ينتظر في قائمة البدلاء، وفجأة إكتشف أن عقده إنتهى، ولا أحد يريده في الميركاطو الشتوي، وحتى الصيفي، لذلك زأر، وقال لا في وجه من قالوا نعم، وإكتشف مرة أخرى أنه أصبح في المدرجات يشاهد اللعبة كما نشاهدها معا، فقفز في الدقائق الاخيرة من عمر المقابلة، يريد أن يلعب في الوقت الميت، ليس من أجل هذه المباراة، بل إنه يطمح أن يعود مرة أخرى أسدا كما كان، ويعطيني مهلة للتفكير، ويحذرنا، من مغبة أن نتنكر له، ويطالبنا بالانضمام إليه حتى نكون جميعا غير منقرضين بعد عصور طويلة، ونتحول إلى رموز العصر الكبريتي. ولكل هذا فإني أحذر الحكومة، وأطالبها أن تسرع إلى تعديل حكومي، قبل أن يأتي طوفان العصر الكبريتي، ويشتعل زيان، ويصير تنصيبه رئيسا للحكومة مطالبا شعبيا لا بديل له بعد وفاة القذافي المؤلمة التي تركت جرحا غائرا في الكوميديا السياسية.