سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لماذا يغيب الفيلم الكوميديّ عن السينما المغربية؟ هناك أشرطة كانتْ نيّتها تقديم أعْمال في قوالب فُكاهية. وبما أنّ النوايا لا تكفي، فقد أطلتْ علينا أفلام متواضعة جداً
منذ شريط »»الابن العاقّ»« للراحل محمد عصفور، كم عدد الأفلام المغربية التي اتخذت من الفكاهة والكوميديا عنصراً وقنطرة للوصول إلى الجمهور؟ السينما هي أيضاً ترفيه، والجمهور يُقبل دائماً على أفلام الضّحك للترويح عن النفس. لكنّ السينما المغربية منذ بداية البدايات، اتسمت بالجدية والجدّ، ومواضيع البكاء والشكوى والاحتجاج والتنديد البسيط ببعض الظواهر الاجتماعية، ولم تلتفت إلى الكوميديا، باستثناءات نادرة ونادرة جداً أهمّها »»الطريق إلى كابول»،« الذي حقّق رقماً قياسياً منقطعَ النظير، وذلك بفضل كفاءة الممثّلين على وجه الخصوص... هناك أشرطة، على الأقل كانتْ نيّتها تقديم أعْمال في قوالب فُكاهية. وبما أنّ النوايا لا تكفي، فقد أطلتْ علينا أفلام متواضعة جداً، ولم تفرض وجودها، كما فرضته بعض الأفلام الفرنسية أو الإيطالية أو المصرية أو الجزائرية حتّى... من النماذج النادرة للأفلام المغربية التي حاولت نهجَ هذا الأسلوب، مع تفاوت في المستويات، هناك أفلام اتخذت في السنوات الماضية من الشخصية المحورية، شخصية البطل موضوعاً رئيسياً للإضحاك، ومن ثمة، تكون الكوميديا ملتصقة أكثر بشخصية البطل، (نموذج «البحث عن زوج امرأتي»و «فيها الملح والسكر...») وليس بفُكاهة الموقف، أو فكاهة الموضوع... لا يختلف اثنان في صعوبة كتابة النّصّ الكوميدي، إنّ ما يُضحك هذا، لا يُضحِك بالضرورة ذاك، والضحك، كما هو معلوم، يعكس غالباً علاقة اجتماعية وثقافية بين كاتب السيناريو والمشاهد. فالكتابةُ على هذا الأساس مرتبطة بالمشاهدة والإضحاك في السينما، ولا يتم ذلك عبر تصوير البديهيات والمسلّمات، إذ أن السيناريو الفكاهي غالباً ما يعتمد على عنصر المفاجأة. إن مؤلفي سيناريوهات الفيلم الكوميدي الحقيقي يشعرون، وهم يكتبون، بأنهم يتحدّون العالم الواقعي والعالم الحقيقي الملموس، وإذا نجح الفيلم، فالمشاهد هو الآخر يتتبّع خطوات المؤلف في شعوره بالتّحدّي وإحساسه بعقدة التفوق، وهكذا سيكون الضحك على الشخصيات المهزومة التي رسمها المؤلف، وعلى الموقف الذي حصلت فيه الشخصية المهزومة. كاتب السيناريو الكوميدي يتوجه إلى القارىء، إلى المخرج، إلى الفريق التقني، إلى الممثل، ثم أخيراً إلى المشاهد. والتركيز على اختيار الممثلين شرط أساسي في إنجاح الفيلم الكوميدي، إذ عليهم أن يُضحِكوا المشاهدين بتنوع اختلافاتهم وتباعد مستوياتهم، عليهم أن يُنشّطوا السيناريو عبر الصورة إن صحّ القول. وهناك الحوار. الحوار مكوّن أساسيّ لمكونات الفيلم الكوميدي. ينْبغي أن يكون حواراً مختصراً ودقيقاً وموجزاً... وأن يعبّر بقوة عن الشخصيّة الفُكاهية، كما عليه أن يوضح بجلاء المميّزات الفرديّة للشخصية، ويفرض إيقاع الشريط بطريقة استمرارية تفرض على المشاهد، بدون ملل أو اشمئزاز، متابعة ما يقع، وانتظار ما سيقع...