رسمت منظمة "هيومن رايتس وواتش" في تقريرها الذي صدر أخيرا، عن أحوال حقوق الانسان عبر العالم في 2013، صورة سوداء عن وضعية حقوق الانسان والحريات بالمغرب، فاعتبرت أن دستور 2011، رغم أنه تضمن العديد من الأحكام القوية في مجال حقوق الإنسان، إلا انها لم تؤدي إلى تحسين الممارسات، أو اعتماد تنفيذ التشريعات التنفيذية، أو تنقيح القوانين القمعية. وكشفت المنظمة في تقريرها، عن تواصل الملاحقة القضائية والمضايقات ضد وسائل الإعلام المطبوعة والإلكترونية المستقلة، مذكرة باغلاق مكاتب قناة الجزيرة في عام 2010 ، واعتقال السلطات علي أنوزلا، مدير الموقع الإخباري "لكم". كما احالت المنظمة على قضية الطالب عبد الصمد هيدور الذي حكم بعقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة ""المس بشخص الملك".
تقرير "هيومن رايتس ووتش"، وقف كذلك على قمع الاحتجاحات والمظاهرات والتدخل العنيف من قبل الشرطة لتفريق المحتجين، وكمثال على ذلك ذكر التقرير بالمظاهرات التي نظمت امام البرلمان في شهر غشت ضد العفو الملكي على مغتصب الأطفال دانييل كالفان، حينها تدخلت الشرطة بعنف لتفريق المظاهرة.
وأشار التقرير، إلى أن الصحراء المغربية، تشهد "حالة من القمع المتكرر للمظاهرات من قبل قوات الأمن"، ومن بينها الاحتجاجات التي شهدتها مدينة العيون في 23 مارس و29 أبريل و19 أكتوبر.
أما فيما يتعلق بحرية تكوين الجمعيات، أظهر التقرير أنه رغم كون دستور 2011 يحمي الحق في انشاء الجمعيات، إلا أن المسؤولين يواصلون منع أو إعاقة العديد من الجمعيات تعسفياً من الحصول على التسجيل القانوني، مما يقوض حريتها في العمل. وكنمودج لهذه الجمعيات اشار التقرير إلى الجمعيات التي تدافع عن حقوق الصحراويين، والأمازيغ، وكذا المهاجرين من جنوب الصحراء الكبرى، والمعطلين عن العمل. بالاضافة إلى جمعيات خيرية وثقافية وتعليمية من بين قادتها أعضاء من جماعة العدل والإحسان.
من جهة أخرى، كشف التقرير، أن المغرب مازال يحتجز مئات من المشتبه بهم من المتطرفين الإسلاميين الذين اعتقلوا في أعقاب تفجيرات الدارالبيضاء في ماي 2003 في السجن. وأن بعضهم تمت ادانته محاكمات غير عادلة بعد احتجازهم في أماكن سرية وتعرضهم لسوء المعاملة، وللتعذيب في بعض الحالات.
وتناول التقرير أيضا سلوك الشرطة وونظام العدالة، حيث كشف التقرير أن المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، خوان منديز، خلال زيارته إلى المغرب في فبراير2013، خلص إلى أنه في كثير من الحالات خاصة التي تتعلق بأمن الدولة، مثل الإرهاب، والعضوية في الحركات الإسلامية، أو قضية الصحراء، فإن هناك نمطاً من التعذيب وسوء المعاملة على أيدي رجال الشرطة أثناء عملية الاعتقال وأثناء الاحتجاز.
وأدن تقرير المنظمة إدانة المحكمة العسكرية بالرباط، في فبراير 2013، 25 رجلا صحراويا بالسجن، وفرضت تسع عقوبات بالسجن مدى الحياة، بعد إدانتهم بتهم ناشئة عن أعمال عنف، مشيرا إلى أن ظروف السجن قاسية وذلك بسبب الاكتظاظ الشديد، وهي مشكلة تفاقمت بسبب لجوء قضاة التحقيق بشكل متكرر إلى الاعتقال الاحتياطي للمشتبه بهم، حسب التقرير.
أما فيما يخص المهاجرين واللاجئين فقد كشف التقرير عن استمرار تعرضهم للاعتقالات وخروقات من قبل الشرطة، وأحال التقرير على أهمية التقرير الصادر عن المجلس الوطني لحقوق الانسان. كما تعرض التقرير إلى الاحكام الواردة في الدستور والمتعلقة بالمساواة بين المرأة والرجل، معتبرا أن تعديلات مدونة الاسرة لعام 2004 حسنت من حقوق المرأة في الطلاق وحضانة الأطفال ورفعت سن الزواج من 15 إلى 18 عاما.
وتطرق التقرير إلى موضوع تشغيل الاطفال، مشيرا وفقا للأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية، ومصادر حكومية، فقد انخفض عدد الأطفال العاملين في المنازل في السنوات الأخيرة، مذكرا بالمعاملات السئية التي تتلقاها الفتيات الصغيرات العاملات في البيوت، خاصة وأن مدونة الشغل المغربية تستثني عاملات المنازل من نطاق حمايتها.
وختمت منظمة "هيومن رايتس وواتش" تقريرها بالتذكير بالوضع الدولي للغرب، الذي حضي ب"وضع الشريك المتقدم" من قبل الاتحاد الأوربي، وأن المغرب يعد أكبر مستفيد من مساعدات الاتحاد الأوروبي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ب 580 مليون يورو (757 مليون دولار أمريكي) خصصت لفترة 2011 - 2013، بالإضافة إلى مبلغ إضافي قدره 350 مليون يورو في عام 2013 في إطار برنامج ربيع الاتحاد الأوروبي الذي يساعد البلدان التي يعتقد أنها تمر بتحولات ديمقراطية.
كما ذكر التقرير بأن المغرب هو الشريك التجاري الرائد للفرنسيين حسب خطاب لفرنسوا هولاند في شهر أبريل، مضيفا أن الولاياتالمتحدة قدمت، الجزء الأخير من منحة 697 مليون دولار أمريكي على مدى خمس سنوات من مؤسسة تحدي الألفية للحد من الفقر وتحفيز النمو الاقتصادي. وفي هذا الجانب أشار التقرير إلى إشادة الرئيس باراك أوباما بنوايا والتزامات المغرب للقيام بمختلف التحسينات في مجال حقوق الإنسان، لكنه لم ينتقد علنا ممارسات المغرب في مجال حقوق الإنسان.