كنت أتوقع هذا من محمد ضريف. كنت أتوقع منه أن يفعلها. وها هو يعلن عن نواياه الحقيقية. كل هذه السنوات التي قضاها محمد ضريف في التحليل السياسي، كل هذا البذل والإصرار على الظهور في الجرائد والندوات والمحاضرات، لم يكن اعتباطا ولا مجرد رغبة بريئة منه لتنوير القراء. كنت متيقنا أن الأستاذ ضريف يهيء لأمر جلل. وها هو يفعلها. وها هو يؤسس حزبا. لم يترك محمد ضريف شيئا إلا وشبع فيه تحليلا. حلل العدالة والتنمية. حلل التوحيد والإصلاح. حلل العدل والإحسان. حلل السلفيين. حلل الإرهاب. حلل الكتلة. حلل الوفاق. حلل البام. وقد ضبطته يوما يحلل السينما في جريدة التجديد ويضبط الخطاب الكامن في صورها. لم يترك الرجل حزبا ولا موضوعا إلا وأكله تحليلا. يعرف كل ما يخفى علينا. كل الخبايا والأسرار والنوايا حللها تحليليا علميا دقيقا. لم يكن يخفى عنه شيء. وكان يقدم لنا السيناريوهات الممكنة. كان كريما حين يتصل به الصحفيون. من استعصى عليه أمر من الصحفيين كان يتصل بضريف فينير خبره ويسنده ويقويه ويدعمه بتحليله الثاقب. وبينما كان الصحفيون يظنون أنه يحلل لوجه الله، كان محمد ضريف يتمرن على صنع حزب. لم تنطل علي الحيلة إلا أنا كنت أتوقع منه أن يفعلها. وها هو يخرج علينا من حيث لا ندري بحزب الديمقراطيين الجدد. كان الله في عون باقي الأحزاب. لقد شبع ضريف فيها تحليلا. ويعرف كل أسرارها. وبحكم مهنته فإنه قادر على توقع ما ستقوم به. لا بد أنه سيصيبها في مقتل. وقبل أن تتحرك لمواجهته ومنافسة الديمقراطيين الجدد سيستبق محمد ضريف الضربة. لكنه لم يقل لنا من معه في الحزب. لم يخبرنا من هم الديمقراطيون الجدد الستمائة. هذه أول مرة في التاريخ يظهر الزعيم قبل الأعضاء والمناضلين وهذا من مزايا أن تكون محللا سياسيا والخوف كل الخوف أن يكونوا محللين مثله. كيف ستواجههم باقي الأحزاب وهم محللون ويعرفون ماذا سيقع في الانتخابات. وهم يضبطون المشهد السياسي والخريطة بالعلم وبالتخصص. والأدهى أن تكون القاعدة الحزبية من نفس الطينة. وأن يكون الناخبون مثل محمد ظريف. لا بد أنه سيأتي على الأخضر واليابس وسيصنع حزبا لا يبقي ولا يذر. حزب محللين يتلقفون الإشارة وهي طائرة. لقد انتظر محمد ضريف كل هذه المدة ودخل إلى مطبخ جميع الأحزاب. واستدعوه واستمعوا إليه، بينما كان هو يستعد لمنافستهم. ألف كتبا ونشر مئات المقالات التي تضبطهم وتكشف إيديولوجياتهم وفي نهاية المطاف قرر إنشاء حزب خال من الإيديولوجيا حزب يفوز بالتحليل السياسي ويهزم خصومه بالتحليل العميق منذ سنوات وهو يقلب الفكرة في دماغه لولا حركة لكل الديمقراطيين لكان فعلها في الماضي لقد أوقف الهمة تحليله وأجل مشروعه وجعل من نيته تأسيس حزب صعبة في ذلك الوقت وها هو اليوم يحيي حلمه القديم في انتظار أن نتعرف على رفاقه الديمقراطيين الجدد الذين قال عنهم ضريف إنهم بلا إيديولوجيا وخالون تماما من الأفكار وليسوا يمينا ولا يسارا ويصلحون للتحالف مع الجميع وما يميزهم أنهم أصبحوا للتو ديمقراطيين لكن السؤال الذي سيظل مطروحا لكن السؤال المؤرق والتوقع غير المرغوب فيه والفرضية والأضرار الجانبية التي قد تنجم عن تأسيس حزب الديمقراطيين الجدد هو من سيحلل لنا الوضع السياسي من سيضيء لنا عتمة الأحزاب من سينورنا بعد أن يصبح محمد ضريف مشغولا وزعيما من هو الشخص الذي سيستنجد به الصحفيون في وقت الشدة من هو الخبير الذي سيلجأ إليه منظموا الندوات والمحاضرات من سيحلل لنا الإسلاميين تحليلا علميا من سيعوض محمد ضريف من سيبقى يقول إنه محايد وأستاذ جامعي ومتخصص بعد أن يصبح ضريف طرفا من سيصدقه ويستمع إليه لقد يتمتنا يا ضريف ودون أن تقصد صعبت من مأمورية الصحافة في المغرب سيصبح الخبر دونك صعب المنال وستفقد الصحافة المغربية واحدا من منقذيها وواحدا من أكثر الفاعلين فيها وقد يتسبب ظهور حزبك في توقف عدد من الزملاء عن العمل وستتشرد أسر والطامة الكبرى هو كيف نعثر على محلل نثق فيه وفي جاهزيته واستعداده الدائم للإجابة كيف نعوض محمد ضريف وحتى لو التحقنا بحزبه وتبعناه فإنا سنعجز عن تعويض هذه الخسارة.