كتب سامر أبو القاسم، عضو المكتب الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، أن حزب العدالة والتنمية الإسلامي صعد لهجته في الفترة الأخيرة ب"إيعاز من التيار المحافظ داخل أجهزة الدولة، فرضي لنفسه أن يُستَخدَم أداة للالتفاف على مطلب القوى الديمقراطية تضمين الدستور الجديد مقتضيات حداثية جريئة؛ من قبيل حرية المعتقد". وشرح أبو القاسم، في مقال نشره موقع الحوار المتمدن، كيف أن الإسلاميين، في إطار سعيهم للحصول على موقع متقدم يؤهلهم لدخول الحكومة، "تحرك في غضون الإصلاح الدستوري الأخير ليلعب أحد أدواره القذرة، المتمثل في تصعيد لهجته تحت ذريعة "المساس" بالهوية، خاصة في الشق المرتبط بإسلامية الدولة، وهو تحرك لم يكن سوى بإيعاز من التيار المحافظ داخل أجهزة الدولة".
ويضيف صاحب المقال "وفي مقابل هذا الدور، وبهدف الحصول على مرتبة متقدمة في الانتخابات المقبلة، وبغاية المشاركة في التدبير الحكومي الآتي، لجأ الحزب إلى الاحتماء بالتيار المحافظ داخل أجهزة الدولة للضغط من أجل تمكينه من ذلك، عبر القيام بمحاولات تحجيم قوة حزب الأصالة والمعاصرة وافتعال قضايا زائفة، تلك التي للأسف انجرت إليها بعض المكونات السياسية، علما بأن هذا الحزب غير معني تماما بتطبيق الآليات الديمقراطية في الحصول على موقع سياسي وانتخابي متقدم، وأن كل ما في الأمر هو التوجه نحو الضغط على السلطات من أجل دعمه في الاستحقاقات المقبلة".
وشارك الإسلاميون بقوة، من خلال حركة "باركا"، في المسيرات الأولى لحركة 20 فبراير قبل تعديل الدستور رافعين شعارات تطالب برحيل فؤاد عالي الهمة عراب حزب الأصالة والمعاصرة الذي طالبت أحزاب وشخصيات سياسية بابتعاده عن الحزب نظرا لقربه من الملك، في سياق تحدث فيه مقربون من الهمة عن "حرب بالوكالة" يخوضها الإسلاميون ضدهم خدمة للوبيات لم يسموها.
ومعلوم أن الحزب الإسلامي نشأ في الأصل بفضل صديق آخر للملك الراحل الحسن الثاني وهو الراحل الدكتور الخطيب، أحد خدام الدولة في سنوات الرصاص، الذي فتح حزبه "الحركة الشعبية الديمقراطية الدستورية" لحركتي "التوحيد والإصلاح" و"الإصلاح والتجديد" الإسلاميتين، لتأسيس حزب العدالة والتنمية الإسلامي.
كما استمر الحزب الإسلامي في قربه من الدولة حين عارض حكومة التناوب التوافقي، بعد فترة قصيرة من مساندتها، وخطة إدماج المرأة في التنمية التي تحولت إلى مدونة الأسرة بتنسيق مع شخصية أخرى مقربة من الدولة ويتعلق الأمر بعبد الكبير العلوي المدغري وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السابق.
واتهم أبو القاسم الحزب الإسلامي بكونه عمد خلال هذه الفترة ب"توظيف الدين الإسلامي سياسيا ومصلحيا بما يتماشى مع أهدافه الانتخابية لم يعد يرقه هذا الوضع السياسي الراهن الذي يعد لغير صالحه، فامتطى صهوة دغدغة عواطف الرأي العام والتهجم على كافة القوى السياسية المتواجدة، ليضيف هذه السلوكات المشحونة بالحقد والكراهية المتنافية مع أخلاقيات التنافس الديمقراطي إلى رصيده على مستوى التوظيف السياسي للدين، ودفاعه المستميت على المتورطين في العمليات الإرهابية، وتغطيته السياسية التي يوفرها لكل التيارات السلفية المتطرفة، بهدف الرهان عليها في كل الاستحقاقات السياسية ببلادنا".
ووصف أبو القاسم مطالبة الإسلاميين بإبعاد الولاة والعمال "المقربين من البام" بكونه "يضع العدالة والتنمية، من الجانب القانوني، في قفص الاتهام على خلفية نشر أخبار زائفة وإهانة موظفين بسبب أدائهم المهني". كما أوضح أن مطالبتهم بإجراء الانتخابات الجماعية قبل الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها يهدف إلى "سحب البساط لحزب الأصالة والمعاصرة الذي احتل المرتبة الأولى عبر نتائج آخر استحقاق انتخابي، وبهدف التمكن من فرصة الاستحواذ التام على الجماعات المحلية التي ستعطي للحزب الديني إمكانيات التأثير على الكتلة الناخبة، بما يجعله في وضع مريح على مستوى التباري على المقاعد البرلمانية".
غير أن هذا المطلب، يضيف المقال، "اصطدم من جهة بتوافق العديد من الأحزاب السياسية على إجراء الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها والمتعلقة بالغرفة الأولى "مجلس النواب"، ومن جهة أخرى بإصرار السلطات على البدء بإجراء الانتخابات التشريعية، تسريعا بتنزيل روح ومضامين الدستور الجديد".