لقد بز الشيخ سار الجميع. وكل من يفكر في مواجهته والرد عليه فإنه لا محالة سيخسر. لا أمل في الوقوف أمام سلطة الشيخ سار الثقافية، وهو يعرف هذا الأمر جيدا، ويعرف أنه زمنه وعصره، وأن أمثاله هم الذين يكيفون اليوم الرأي العام ويتبعهم الناس ويشاهدهم الآلاف. في رواية الكاتب الجزائري بوعلام صنصال"2084…نهاية العالم" وفي مفتتح "الكتاب الرابع"، حديث عن هذا العصر المتخيل وعن ظهور نظام "يحكم فيه الجهل العالم، وقد بلغ(الجهل) مرحلة يعلم فيها كل شيء، ويقدر على كل شيء، ويرغب في كل شيء"، وحيث تنضبط الإنسانية لرأي الأكثر جهلا بين أفرادها. لا تنفع معرفة ولا عقل ولا دليل مع الشيخ سار، ومهما حاولت فإنه سيقضي عليك، وخلفه الملايين في"مملكة الجهل المقدس". هناك شيخصارات في كل المجالات، وهم الآن سلطة هذا العصر، ونجومه، وتلاحقهم الكاميرات ووسائل الإعلام، والجمهور يحبهم ويدافع عنهم. وحتى لو كنت ضدهم، وكنت"شرذمة"، فأنت مضطر لأن تخضع لمعرفتهم، وتنظيراتهم"ل"علم الجهل". ويعلم الشيخ سار أنه قوي ومسنود بسلطة الجهل وعلمه، وشئنا أم أبينا، فهو مؤثر، و"مثقف" والشعب يأخذ برأيه، وينتظر موقفه من الأحداث. قبل أن يسيطر الجهل على الفكر والمعرفة والثقافة، كان معزولا، وكانت المحافظة والرجعية تحتاج إلى أن تكون متعلما، وكاتبا، وكان الرأي والفكر والموقف يأتي من الكِتاب ومن الجريدة والمجلة، وكان الرجعي محترما، وكان المحافظ يبني موقفه على الماضي وعلى ما قرأه، وعلى الأصول، أما الآن، فهو ليس في حاجة إلى أن يتعب ويقرأ ويحصل على الشهادة الجامعية ويكتب ويعترف به ويكرس، كل العوائق زالت، وعوضتها كاميرا تباع بثمن بخس وتدوينة. وها أنت مثقف وداعية ومفكر في"مملكة الجهل"، التي يعلم فيها الجاهل كل شيء، ويسمح لنفسه بالحديث في كل شيء، وما يريده هو الذي يكون. ولن تستطيع الرد، ولن يهزم الكتاب الكاميرا والصورة. ولو تدخل كل المفكرين المغاربة وكل رجال الدين، فسيهزمهم الشيخ سار، وما يرغب فيه، وما يؤمن به، هو الصحيح، وهو المعرفة، وهو الحق. وحتى الذين يدافع عنهم، ويعتبرهم أساتذة ودعاة وعلماء وفقهاء، فقد تفوق عليهم، وبزهم، وصار أكثر تأثيرا منهم، وهم يحتاجونه، ويعتمدون عليه، ويوظفونه، حين يكونون في ورطة، وحين يفشلون في الدفاع عن أنفسهم وعن مواقفهم وآرائهم. وقد ظهر ذلك جليا في قضية محمد العريفي، فكل جيش التوحيد والإصلاح والعدالة والتنمية والإسلاميين والسلفيين استسلم للخطأ والتزم الصمت، ولم يبق إلا سلاح الجهل الفتاك، والذي يغلب كل الأسلحة وكل العلوم. وما نظنه تقدما وحداثة وعصرا جديدا ساهم في دكتاتورية الجهل هذه، وساعدها ومنحها الوسائل، فلولا الأنترنت، ولولا فيسبوك، ولولا يوتوب، لما استطاع هؤلاء النجوم الوصول إلى الرأي العام، والتأثير على الناس، ولظلوا في مستواهم الطبيعي، وفي عالمهم، وفي جهلهم لا يستطيعون الفكاك منه. لكن لماذا أولي شخصا مثل الشيخ سار كل هذه الأهمية. لماذا أكتب عنه. ببساطة لأنه غلبني وبزني وأصابني في مقتل. وأتحدى من يحاول أن يرد عليه ومن ينتقده ومن يقول عنه جاهل. إنه يشتغل ويفكر بمنطق علم الجهل الذي يعرف كل شيء، ويملك حقيقة الجهل، وما يريده هو الذي يكون، في نظام وعالم يعلي من قيمة الجهل. والأخطر أنه يحمل على عاتقه مهمة الدفاع عن الدين وعن الهوية وعن الشعب. جربوا أن تواجهوه. كل علوم الدنيا، وكل الفكر، لن يقدر على دحض رأي واحد للشيخ سار. فالعصر عصره وطبيعي أن يتسيد وطبيعي أن يصف خصومه بالشرذمة. إنه نجم ومؤثر ومغن وداعية ووجه إعلامي وصحفي ومخرج وهذه هي قوة الجهل، تسمح لك بأن تكون ما تشاء، ساعة تشاء، وتتكلم عما تشاء. وفي المغرب اليوم، الشيخ سار هو الذي يحكم، وهو رمز السلطة الثقافية، وهو الذي يؤثر على الناس، ومستحيل أن تواجهه إلا إذا كنت تملك نفس علمه وثقافته. وهو الآن ينتشر كوباء. شيخصارات في كل مكان يزحفون، ومعهم كاميرات، ليسيطروا على العالم وليخضعوه، ويتحكموا فيه ولتتبعهم الشعوب مرددة ما يقولونه مهاجمة تلك الشرذمة التي مازالت ترفض الخضوع لحكم وسلطة مملكة الجهل ومثقفيها وعلمائها ومفكريها وفنانيها في اليوتوب والفيسبوك.