سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
عن المرأة الحداثية بالمغرب.. إلى أي حد يمكن أن يتعايش نموذج المرأة للذين امتطوا صهوة حكومة الدستور الجديد مع ذلك الذي أسسه محمد الخامس عبر الاميرة عائشة؟
لأن ولوج عالم الحداثة في مجتمعاتنا الذكورية كان حكرا على الرجال، فقد تطلب اقتحامه من طرف النساء جرأة كبيرة من جهتهن واستعدادا لاقتسام ثرواته الفكرية والمادية من جهة الذكور. و لعل اول رجل اعلن اعتناقه للحداثة في تعامله مع اقرب النساء اليه في مغرب بعد الاستقلال هو المرحوم محمد الخامس، لست هنا بصدد مبايعة الملكية او مدحها لانها اصلا في غنى عني و عن مديحي لكن الصدق في القول وفي سرد تاريخ الشعوب يقتضي منا الاعتراف ان المؤسسة الملكية صنعت الحدث وقتها حين اختارت العمل براي شهيد التقدميين المهدي بن بركة واخراج الاميرة عائشة لتلقي اول خطاب صادر عن القصر بصوت و وجه انثويين.. منظر الاميرة في اول مهمة رسمية لها بلباس عصري ودون غطاء للرأس، نال اعجاب المغاربة وعلقت صورتها باذهانهم ولعلها اسست لعهد جديد في تاريخ العائلات المغربية التي اختار جلها السير على نفس النهج في تعاملها مع بناتها بدءا بارسالهن الى المدارس وحثهن على استكمال دراستهن الجامعية وولوج سوق الشغل وصولا الى تمتيعهن بهامش حرية اكبر وفرص الاستقلالية المادية منها والمعنوية..ليستمر ضمان الملكية لنمط عيش حداثي لجنسها اللطيف في عهد الحسن الثاني الذي قلد الاميرات مسؤوليات عمومية، ذات طابع اجتماعي وثقافي..
واليوم جعل محمد السادس من حرمه نموذجا للمراة الحداثية، لتكون بذلك اول زوجة ملك تتحرر من طقوس الحريم العتيقة..خلافا لهذا النموذج الذي عملت الملكية على تكريسه عبر عقود من الزمن.
لكن الذي تغير اليوم، هو سعي من امتطوا صهوة السلطة التنفيذية على خلفية دستور متقدم وفي سياق شيوع قيم الديموقراطية وحقوق الانسان الى تقويض كل مكتسبات المرأة المغربية التي راكمتها على امتداد عهد امتد منذ الاستقلال، وذلك عبر العمل على تسويق صورة نكوصية عن المراة : لباس نمطي مستورد عن نماذج قرون وُسطوية، امرأة تزكي تعدد الزوجات، امراة تعتقد ان كل جرائم الاغتصاب والتحرش تعود المسؤولية فيها بالاساس الى الفتنة التي تثيرها انثويتها، امراة تمنح الرجل الحق في ضربها ان هي خرجت عن طاعته..الى غير ذلك من التمثلات الرجعية لعلاقة الرجل بالانثى..
وهنا، يبرز سؤال ملّح: إلى أي حد يمكن ان يتعايش هذا النموذج مع ذلك الذي كانت الاميرة عائشة من رائداته واضحت الاميرة سلمى والى جانبها كل النساء المتحررات من عقلية الحجر والوصاية؟؟ شخصيا، أخال أن الجواب يوجد في طيات معركة اخرى تدور في الخفاء ولابد لها يوما ان تطفو على السطح لتصبح خط تماس ساخن بين المشروع الحداثي ومشروع اخونة الدولة والمجتمع..انها معركة كل الديموقراطيات وكل امراة تُؤمن بمستقبل المغرب الحداثي الذي يضمن هو وحده كرامة النساء وإنسيتهن.