سيتم بكل تأكيد التدوين في تاريخ المملكة الشريفة، الثلاثاء 24 شتنبر2013، كيوم أسود في تاريخ حرية الرأي والتعبير، ليس فقط في عهد الملك محمد السادس، بل في تاريخ المملكة الحديث منذ الاستعمار الفرنسي إلى اليوم. بعد توجيه النيابة العامة في سابقة من نوعها لتهم "إرهابية" لصحافي ليبرالي، معروف بمواقفه المناهضة لكل أشكال التطرف الديني والعنف، دخلنا إلى نوادي الدول البوليسية من بابه الواسع.
المغاربة استبشروا خيرا بالحراك الشبابي ل20 فبراير2011، وتفاءل البعض إلى درجة اعتبار خطاب 9 مارس 2011، ثورة سياسية قام به الملك محمد السادس على المخزن.
لكن الجميع الآن، من رفض الخطاب الملكي ومن طبل له، يتواجدون اليوم على نفس الموقف، وهو أن محاكمة صحفي بقانون "محاربة الإرهاب"، هو انقلاب جديد على خطاب 9 مارس ودستور2011، وعودة مباشرة إلى سنوات الرصاص السيئة الذكر، وذلك بدون سابق إنذار وبدون مبررات مقنعة لهذا النكوص الديمقراطي.
من خلال الطريقة التي اعتقل بها الصحافي علي أنوزلا، وشكل التحريض الحزبي و الإعلامي والحكومي على سجنه، بدا واضحا أننا دخلنا مرحلة سياسية جديدة عنوانها :" الانتقام الصريح والواضح من كل صاحب رأي مختلف".
من يقوم اليوم بنسج مسرحية اعتقال انوزلا، يلعب بالنار ولا يقدر المخاطر السياسية لهذه المتابعة السيئة، فمنطق لي ذراع القلم الحر، عبر الاعتقال والترهيب وطبخ التهم والمحاكمات الصورية، لم يعد مجديا في هذا الزمن الذي يعرف انفجارا في سرعة انتقال المعلومة وصعوبة التحكم فيها.
من يشرف على إخراج هذه المسرحية الرديئة ، يضر بشكل واضح بمصالح المملكة على المستوى الخارجي والداخلي، ويدفع بتقويض الاستقرار الاجتماعي، من خلال مثل هذه المحاكمات والتي لم يجرأ على القيام بها حتى نظام الحسن الثاني، الذي أنشئت بعد رحيله، هيئة لإنصاف ضحاياه ممن تعرضوا للتعذيب والسجن ظلما في عهده.
الحقد الأعمى ودافع الانتقام من النشطاء السياسيين والإعلاميين، ليس بحل ومخرج لأزمة نظام سياسي استبدادي، مازالت سلط كثيرة فيه، تمارس بعيدا عن الرقابة والمحاسبة، مما يشجع على التدخل السافر في القضاء واستعماله لتصفية الحسابات مع المعارضين.
الحل للأزمة التي تعيشها المملكة، هو توسيع الهامش الديمقراطي والقطع مع ثقافة العصا والجزرة، وترك المغاربة يقررون مصيرهم السياسي والاقتصادي بدون وصاية ولا توجيه ولا تدخل من أية جهة نافذة.
إن اعتقال الصحفي علي انوزلا، لن يزيد وضع المغرب السيئ أصلا سوى سوء في المحافل الدولية وعند المنظمات المالية المانحة، مما سيؤخر قطار التنمية أكثر مما هو متأخر وسيجعل كل المشاريع الموعودة معطلة، بسبب غياب الدعم المالي، نظرا لأننا دولة لازالت تعتقل الصحفيين بسبب أرائهم السياسية وتحاكمهم بقوانين استثنائية مثل قانون "مكافحة الإرهاب، هذا القانون الذي يطالب حتى المجلس الوطني لحقوق الإنسان بإلغائه.
إننا نعيش في لحظة فارقة في تاريخنا وأمام بداية جد سيئة في التطبيع مع الاستبداد المباشر، والعالم كله يتابع هذه المسرحية السيئة الإخراج، وكبريات المنظمات الحقوقية والجرائد العالمية، تطرقت لقضية أنوزلا، على أساس أنه انتقام من صحفي حر.
لهذا علينا تخيل موقعة البحث عن التمويل لمشروع إصلاح العدالة، فكيف سيملك وزير العدل مصطفى الرميد، الشجاعة والجرأة وهو يروج في الهيئات الأوربية، لمشروع إصلاح العدالة، وصحفي معتقل ومتابع بقانون محاربة الإرهاب؟.