لا يقتصر تأثير حبوب ال"باراسيتامول" على الآلام الجسدية، بل يبدو أنه يسكن الانفعالات النفسية أيضا، بحسب دراسة حديثة، وجدت أن مسكن الآلام وخافض الحرارة الشهير الذي يعتمد عليه البشر منذ 70 عاما، يتسبب بتلبد المشاعر ويقلل من البهجة والحزن على حد سواء، من دون أن يعي مستخدموه ذلك طوال هذه السنوات. و"الباراسيتامول"، أو ما يُعرف بال"أسيتامينوفين" طبيا، هو واحد من أكثر الأدوية استخداما بين البشر، يستخدم بشكل رئيسي لعلاج الحمى والصداع وتسكين الآلام الخفيفة، كما أنه يدخل في تركيب أدوية الإنفلونزا، ونظرا لشيوع استخدامه فإنه يعتبر السبب الأكثر شيوعا للتسمم الكبدي بسبب الجرعات المفرطة منه.
وكانت دراسة سابقة جرت عام 2012 قد خلصت إلى أن ال"باراسيتامول" يسكن الآلام الجسدية والنفسية على حد سواء، إلا أن الدراسة الحديثة المنشورة في دورية "بسيكوليجيكال سيانس"، وجدت نتائج مختلفة: لا يقتصر تأثير ال"باراسيتامول" على الآلام النفسية، بل إنه يتسبب باللامبالاة وبتبلد كل المشاعر، سواء كانت ألما وحزنا أم فرحا وبهجة، ويجعل الإنسان أقل تفاعلا مع الأحداث المؤثرة من حوله.
وأجرى باحثو جامعة "أوهايو" تجاربهم على 82 شخصا، عرضوا على كل منهم مجموعة من الصور المؤثرة والمنتقاة بعناية لهذا الغرض، يصور بعضها مثلا أطفالا يعانون من سوء التغذية أثناء المجاعات، وبعضها الآخر أطفالا مبتهجين يلعبون مع القطط، ووجدوا بالمحصلة أن الأشخاص الذين تناولوا "الباراسيتامول" قبل التجربة كانوا أقل استجابة وتأثرا بهذه الصور.
ويختلف ال"باراسيتامول" عن مسكنات الألم الأخرى كال"إيبي بروفن" و"الأسبرين" بفرق هام، فأغلب أنواع المسكنات تحوي خصائص مضادة للالتهاب، ولهذا تسمى طبيا مضادات الالتهاب اللاستيروئيدية – وبالتالي فإنها تتسبب بأعراضٍ جانبية بعضها جدّي – كالقرحات المعوية والتهابات المعدة – أما ال"باراسيتامول" فهو المسكن الوحيد الذي لا يمتلك هذه الخصائص، وقلما يتسبب بأعراضٍ جانبية إلا في حالات الجرعات الزائدة.
ولا يعلم الباحثون إذا ما كانت مسكنات الألم الأخرى تتسبب أيضا بتبلد المشاعر واللامبالاة، أم أن الأمر يقتصر على ال"باراسيتامول"، وهو ما سيجعلهم، حسبما أعلنوا في الإصدار الصحافي الذي تلقت "العربية.نت" نسخة منه، يعيدون التجارب ذاتها على الأدوية الأخرى مستقبلا.