يذهب شيخنا محمد الفزازي إلى كل مكان. بدعوة أو بدونها يذهب. ونتذكر أنه ذهب إلى مؤتمر حزب النهضة والفضيلة ورفضوه. قبلوا كل السلفيين ورفضوا شيخنا الجليل. وقد تركوا في قلبه غصة، وظل وحيدا، يتجول، بلا حزب، مجرد ملاحظ، يسافر من مدينة إلى أخرى، ومن ندوة إلى أخرى، ومن لقاء إلى آخر. وكاد الفزازي يبكي حينها، ولم يفهم، ولم يستوعب ظلم ذوي القربى، ورغم أنه يملك أطول لحية سلفية، فقد فضلوا عليه الشيخ أبي حفص، صاحب النظارات واللوك الشبابي والمواقف المتسامحة والرأي المعتدل والمنفتح على الأدب والفن والرياضة. منذ خرج من السجن وهو يرغب في الحضور، ولا يترك فرصة تمر كي يظهر. ومنذ أن قام بالمراجعة وهو يسلم على الجميع. على الملك، وعلى الممثلات، ويتحدث في كل المواضيع، وحتى الداودية وأغنيتها، أصر بخصوصها على أن يدلي بدلوه في موضوعها الذي شغل الدنيا وحير الناس، ولم يرتح، ولم يهدأ له بال حتى أبدى رأيه الفني في عطيني صاكي. ومؤخرا حضر الفزازي اللقاء الوطني حول الإجهاض، ودون أن يوجه إليه أحد الدعوة حضر، تسلل بين الكراسي والصفوف، وجلس إلى جانب وزير الصحة، ليأخذ الكلمة. وقد شكر شيخنا محمد الفزازي وزير الصحة ومدحه، لأنه أجلسه بالقرب منه، وبدا سعيدا للغاية وممتنا، لأنهم لم يحرموه من الحديث عن الإجهاض. وفي وقت سابق شاهده الناس جميعا برفقة حميد شباط وادريس لشكر، منشرحا، ومدافعا عن الرجلين في الفيسبوك، اللذين كرماه، ومنحاه فرصة الحضور برفقتهما والتقاط الصور للذكرى. ولا ينتظر الفزازي أن يوجه إليه المنظمون الدعوة، وبمجرد أن يقرأ الخبر في الجريدة أو يسمعه في الراديو، يستعد ويتهيأ، وفي الوقت المحدد تجده حاضرا ويخلق الحدث. يغطي كل شيء، أفضل من الصحفيين، ويصر على أن يحضر بنفسه، ويتحمل عناء السفر، ليشارك وليعبر عن رأيه، دون أن يطلب منه أحد ذلك. في أي ندوة وأي لقاء، يمكنك أن تتوقع تخلف المدعوين والمسير عن الحضور، بينما انتظر ظهور الفزازي، وإن تأخر، فلا تيأس، لأنه في النهاية سيطل، وسيشارك، وسيترك صدى. بلا حزب، ولا دعوة رسمية، لكنه كريم، ولا يترك موعدا، كيفما كان، إلا وأصر على تلبية دعوته التي لم توجه إليه. وإذا كنتم في حفل زفاف، فتوقعوا أن يظهر الفزازي. وإذا كنتم في مأتم، فانتظروه. وإذا كنتم في مؤتمر حزبي، فإنه لا محالة سيكون ضيف شرف. وأكثر من ذلك، يظهر شيخنا، في الأماكن التي لا تتوقع أن يظهر فيها، ويلتقط الصور دائما، كما فعل حين حجز في أحد الفنادق الفاخرة في مراكش، وأطل علينا من الشرفة وهو يتغنى بجمال المغرب واستقراره. لكن لماذا لا يوجه المنظمون الدعوة للشيخ محمد الفزازي. من يحارب شيخنا من يصر على وضعه في مواقف حرجة، ويحرمه من الحضور بصفته كداعية، ويهينه بالاكتفاء بالحضور بين الجمهور والصحفيين والفضوليين. من يصر على جعله مثل شخصية"فضولي" في مجلة ماجد الموجهة إلى الأطفال. الرجل، وبعد أن راجع قناعاته، لم يعد يترحم على قاتل فرج فودة، ولم يعد يبارك تلك الجريمة، ولم يعد يطلب أي شيء، ولم يعد متطرفا، وكل ما يرغب فيه الآن هو توجيه الدعوات إليه. ولا يريد إلا حزبا ينضم إليه ووضعا اعتباريا في ذلك الحزب، حتى لو كان حزب النهج. ولا يريد إلا دعوة رسمية موقعة من المنظمين، في أي لقاء، وأي ندوة، وأي مؤتمر، وأي حفل، ولو موازين فإنه مستعد للحضور ودون تردد. وتسكثرون عليه ذلك وترفضون مساعدته على الاندماج وتحاربونه ولا يتضامن معه أحد ولا يحترم أحد مكانته وقد يجد نفسه معزولا ومهمشا وقد يعود إلى سيرته القديمة متراجعا عن مراجعاته ادعوه وجهوا إليه الدعوات قبل فوات الأوان ماذا ستخسرون لا شيء مجرد دعوة ورقة بسيطة أو رسالة في بريده الإلكتروني مع أن شيخنا الجليل يحضر ويأتي دائما سواء وجهتم إليه الدعوة أم لم توجهوها لكنكم تصرون وتحاربونه حتى قهوة لا تدعونه إلى شربها حتى عصير لافوكا بالحليب تعال إلي يا شيخنا تعال وسأدعوك تعال لنؤسس معا حزبا تعال لنتحدث عن الإجهاض تعال لنحرم ونحلل على هوانا دون أن نضع أنفسنا في مواقف حرجة ودون أن نستجدي أحدا.