ليس القطار. القطار بريء ولفقت له التهمة ظلما. لكن من قتل عبد الله بها. حسب محمد الهلالي، القيادي في حركة التوحيد والإصلاح، فحميد شباط هو من ارتكب هذه الجريمة. وبعد أن اكتشف منفذ العملية، تراجع، و قال إنه يمزح. وحسب عبد الإله بنكيران، فإننا صرنا نحتاج إلى علماء لغة وأطباء نفس وفلاسفة ومنجمين، لنفهم ماذا يقول لنا رئيس الحكومة بخصوص علبة أسراره، وفي سبيل ذلك يتبارى الكتاب والأنصار والخصوم لتحليل خطاب بنكيران الملغز، والذي لا يستوعبه إلا الضالعون في العلم. وكل يؤوله حسب فهمه، وحسب قربه أو بعده من رئيس الحكومة. حتى أن محمد يتيم كتب مقالا يشرح فيه معاني الموت والقتل عند العلامة عبد الإله بنكيران. وحين يلمح بنكيران، يأتي من يشرح لنا إنه لا يلمح. ثم ينشغل حزب العدالة والتنمية في شرح ما قاله رئيس الحكومة، ويتصلون بالجرائد والمواقع، ليوضحوا لهم عن طريق الأوف أن بنكيران لم يعن شيئا، ولم يغمز ولم يلمز، بل قال ما قاله، فقط لأنه في حاجة إلى أن يتكلم، وأن موضوع الموت والقتل مؤثر ويثير المشاعر. فقط لا غير. هذا هو الغرض من إثارة موضوع موت عبد الله بها. هكذا تحول موت مأساوي لرجل قالوا عنه إنه حكيم، إلى موضوع للاستغلال السياسي، وإلى البحث عن قاتل له، بأي طريقة يحاولون العثور على القاتل. والأذكى من بنكيران هو محمد الهلالي، الذي أشار بأصبعه إلى حميد شباط. قمة السخرية من محمد الهلالي. إن هذا العضو القيادي في حركة التوحيد والإصلاح وفي العدالة والتنمية يتميز بخفة دم وروح دعابة نادرتين، وقد كتب"شباط هو المسؤول الأول عن موت عبد الله بها، بسبب خلقه لأجواء فتنوية، وتحريضه الهستيري ضد رموز الحكومة والعدالة والتنمية". هكذا بخفة دم. وبذكاء سياسي لم يتوفر لأحد قبل محمد الهلالي، نكتشف أن شباط هو القاتل. وليس القطار القطار لم يقتل بها. هكذا رد الهلالي الصاع صاعين لحميد شباط، الذي سبق وأن اتهم بنكيران بأنه عضو في تنظيم داعش، وبروح دعابة يحسد عليها. وأظن عبد الله بها يتقلب الآن في قبره من حديث أعضاء حزبه عنه، ومتاجرتهم بموته التراجيدي، وتحويله إلى مادة للمزاح السمج، ولطعن الخصوم. ويتمنون لو كان القطار شخصا ويتمنون في لا وعيهم أن يكون اغتيالا، ليوظفوه وليستفيدوا منه سياسيا. ومن سوء حظهم أن القطار هو الذي دهس الراحل عبد الله بها، ولا يوجد عاقل يتهم القطار. ولأنهم يعانون من غياب شهداء في صفوفهم، ولأنهم جاؤوا متأخرين، ولم يعد القتل والاغتيال السياسي حلا في المغرب لتصفية الخصوم. فلا يعجبهم أن يموت بها دهسا. وبعد أن التزم كل الفرقاء الصمت أمام هول الفاجعة، ارتأى حزب عبد الله بها، أن يبحث عن شخص يتهمه، أي شخص، أي جهة، ولو حميد شباط، ولو بالسخرية. المهم أن لا يكون القطار والنتيجة هي أننا أصبحنا نعيش في مارستان سياسي، وما علينا إلا أن نتحمل نفسية رجال السياسة ونتعايش معهم ومع ما يتلفظون به. والويل لمن عارض حزب العدالة والتنمية الويل لمن انتقد بنكيران الويل لمن أزعج الحكومة إنه الدليل القاطع على أنه القاتل الفعلي لعبد الله بها ليتلكم وليفصح عن نفسه وسيكون له محمد الهلالي بالمرصاد. وليس مستبعدا أن أكون أنا هو المتهم فعمروف أن المجرم عادة يعود إلى مكان الجريمة ويحوم حولها أليس كذلك يا محمد الهلالي يا شارلوك هولمز العدالة والتنمية والتوحيد والإصلاح يا أذكى الإسلاميين في المغرب يا مستقبل الحزب والدعوة كم أنت يقظ وخفيف الظل ولأنهم لا يعرفونك قالوا لنا إنه القطار لا ليس القطار ليس القطار ويعتقدون أن ذلك يمكن أن ينطلي عليك وأنك ستصدق بسهولة. حقا ما أقسى السياسة وما أغلظ قلبها حتى الموتى لا ترحمهم وتوظفهم في حروبها ومن يقوم بذلك أهل الميت نعم أهله للأسف.