— في حوار له صرح الرجل الثاني في حزب العدالة والتنمية الإسلامي و وزير الخارجية السابق ،السيد سعد الدين العثماني لجريدة المساء ، بضرورة تقنين الإجهاض في المغرب ، من أجل الخروج من حالة الفوضى والسرية ،التي تهدد حياة المئات من السيدات يوميا،ماينيف عن 800 حالة يوميا حسب الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض السري، والقطع مع استغلال بعض الأطباء و العيادات لأوضاع النساء الراغبات في التخلص من اجنتهن، قصد الإغتناء والربح، على حساب صحتهن ، خاصة وان اغلب عمليات الإجهاض تتم في ظروف لاتحترم الشروط الصحية للقيام بهذا النوع من العمليات.
الدكتور العثماني برر موقفه هذا ،بتغير الظروف الإجتماعية والثقافية للمجتمع المغربي ، وعدم مسايرة مرسوم 1967 لهاته التحولات .وينص الفصل 449: "من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يظن أنها كذلك، برضاها أو بدونه سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم. وإذا نتج عن ذلك موتها، فعقوبته السجن من عشر إلى عشرين سنة".ومن ثمّ لا وجود لمكانة صريحة للصحة في بعديها النفسي والاجتماعي. فالقانون لا يأخذ بعين الاعتبار المضاعفات النفسية (القلق، الميلانخوليا، محاولة الانتحار…) ولا التبعات الاجتماعية للحمل غير المرغوب فيه مثل التشرّد والعمل الجنسي إن كان حملا غير شرعيّ.
أما من الناحية الدينية ،فقد استند السياسي الإسلامي ،على مجموعة من الفتاوى والأراء الفقهية التي تبيح الإجهاض في حالات معينة، وفي مدد موقوتة، كتلك التي أطلقها الأزهر في حالات الإغتصاب والسفاح وزنا المحارم ، وفي حال كان الحمل يعرض حياة الأم والجنين الى خطر الموت . نفس الرأي يذهب إليه المجلس العالمي للديانة الإسلامية، حيث افتى عدد من الفقهاء بإباحة الإجهاض، مالم يتجاوز الأسبوع السادس من الحمل، وهي الفترة التي تسبق نفخ الروح،حسب نصوص شرعية،وهذا ما اقرته الحنفية وفريق من المالكية.
إن الأمومة اختيار حرّ، و حقّ أساسيّ من بين حقوق الإنسان الأساسية،كما تنص على ذلك تفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة" التي اعتمدتها الجمعية العامّة وعرضتها للتوقيع والتصديق والانضمام بقرارها 34/180 المؤرّخ في 18 ديسمبر 1979، تنصّ في المادة 16 على أن تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات العائلية. وعلى أساس المساواة بين الرجل والمرأة..
إن تصريح العثماني وإن لم يرقى إلى ماجاء في قانون سيمون ڤايل 17يناير 1976 والذي أباح الإجهاض وبدون قيود وجعله مجانيا ،تتكلف مؤسسات الضمان الإجتماعي والتأمين الصحي بدفع تكاليفه ، فإنه يكتسي اهمية كبرى، أولا لأنه صادر عن الرجل الثاني في اكبر حزب سياسي محافظ في المغرب ، وثانيا لأنه يرفع غطاء الطابو عن موضوع لايجرؤ حتى الساسة والأحزاب المسماة بالتقدمية ،بالمخاطرة من أجل الدفع بهذا الملف الذي سيسهم في تحرير المرأة ,والقضاء على كل اشكال التمييز في حقها ،وجعل جسدها والتصرف فيه ،مسألة تخصها لوحدها .