حوالي شهر ، في تصريح لوزير الصحة المغربي ، تم الكشف عن أرقام مفزعة حول الصحة النفسية والعقلية بالمغرب، حيث تحدث السيد الحسين الوردي عن وجود 48.9 في المائة من المواطنين، مايقرب نصف المغاربة يعانون من اضطرابات نفسية، و 26.5 في المائة، أي ربع المغاربة يعانون من الاكتئاب، فيما 14 في المائة من المغاربة حاولوا الانتحار، بسبب الاضطرابات النفسية أو العقلية. وفيما يشبه اللطمية، أقر الوزير أن قطاع الصحة العقلية في المغرب ، يعاني من نقص كبير جدا في عدد الأطر الطبية ، و هشاشة في البنية التحتية، حيث لا يتجاوز عدد الأسرّة بالمستشفيات العمومية حوالي 2050 سريرا.
أرقام الوزير عن الحالة النفسية والعقلية للمغاربة ، لاتفاجئ إلا من سد أدنيه وقر و غطى عينيه عمش.جولة سريعة في أحد الشوارع أو الأسواق أو الإدارات المغربية، ستجعل بصرك حديد ، وستنكشف لك صنوف وأنواع الأمراض النفسية والإختلالات الفكرية، التي يعاني منها الإنسان المغربي ..الإكتئاب، الأرق ,الكوابيس،العدوانية، الفصام،الوسوسة،الإغتراب،الغرور و النقص،وضعف الذاكرة والتشتت ..
إنسان حولته ظروفه الإقتصادية ومعانته الإجتماعية ،إلى كائن عنيف غير متسامح، عبوس قمطرير ، كاره لذاته وللأخر ،سريع النرفزة، فاقد للصبر والروية ، سباب شتام لعّان ، لايجد للصبر والحكمة والتعقل سبيلا. إنسان فاقد للثقة في ذاته و وطنه ومستقبله ، جعله الكم الهائل من العنف الرمزي والمادي الذي يتعرض له ،من المهد إلى اللحد ، يتحول إلا قنابل بشرية مريضة ، قابلة للإنفجار الجزئي أو الكلي ، في المنازل والشوارع والمؤسسات.
ينضاف إلى هاته العوامل السوسيوإقتصادية وحالة الفشل والتخلف الحضاري ، عوامل فكرية وعقدية ، يتشربها الفرد المغربي ،منذ نعومة أظافره ، عن طريق الأسرة والمدرسة والإعلام ،ثقافة تزرع في وعي ولاوعي الفرد ،بذور العنف والإقصاء والتمييز والإستعلاء والكراهية.. إن هذا الخليط الذي يجمع بين الواقع المعيش الغارق في يم الرداءة والقهر والجور ،وبين ثاقفتنا المتحجرة والمعجونة بمياه العنف والإقصاء ،والتي تحقن في شرايننا منذ نعومة الأظافر ، خُلق لنا إنسان ماناخولي تعيس ،متبلد الأحاسيس ، معاق عاطفيا ، يعاني من سيكزوفرينيا حادة ،تجعله يواجه الواقع والحياة، بشكل مشوه وغير مفهوم. لقد جعل هذا الواقع من البلاد، مرستان أمراض نفسية كبير..أخشى أن يكون شفاءه الأوحد ..الموت والإنقراض..