نصف المغاربة يعانون من أمراض نفسية واضطرابات عقلية مختلفة وواحد من كل أربعة مواطنين مصاب بالاكتئاب، وهناك ثلاثة ملايين مغربي يعانون من القلق المستمر، و300 ألف شخص مريض بانفصام الشخصية (الشيزوفرينيا) ! فحسب احصائيات رسمية، صادرة عن وزارة الصحة، في عرضها للبرنامج الوطني للصحة العقلية، فإن نسبة مهمة من المغاربة يعانون اضطرابات نفسية متفاوتة، قد تتحول، في غياب المراقبة والمتابعة الطبية، إلى أمراض عقلية ونفسية حادة. وأماطت الدراسة الميدانية التي أنجزتها وزارة الصحة المغربية بتعاون مع المنظمة العالمية للصحة سنة 2008، اللثام عن أرقام مذهلة، ضمنها أن 48.9 في المائة، أي نصف المغاربة تقريبا، مصابون بإحدى الأمراض النفسية (قلق، أو اكتئاب، أو خوف، أو فصام في الشخصية، وهو أسوأ الأمراض النفسية على الإطلاق). أمر طبيعي أن نصل إلى هذه الوضعية الكارثية وهذه الأرقام المخيفة التي تضمنها بحث وزارة الصحة، والتي لامحالة ستنعكس على تربية الأجيال القادمة، مادام أن المغاربة لايعيرون أدنى اهتمام للاضطرابات النفسية التي قد يعانون منها. فالمعروف عن المغاربة ومنذ الصغر أنهم »شعب كاينسا«! كيف ذلك؟ فعبارة »دابا تكبرو أوتنساو« هي الأكثر تداولا بين المواطنين عندما يتعرضون لموقف ما أو حادثة ما أو حتى مصيبة ما، يواجهون الأمر ببساطة لاتتصور في الوقت الذي كان من المفروض أن يتم الخضوع لجلسات العلاج النفسي ، وذلك لارتباط المرض النفسي في الثقافة الشعبية في المغرب بتلك الحالة التي تسمى الجنون والحمق، والتي يظهرفيها صاحبها فاقدا للسيطرة على نفسه، مهملا لمظهره وهيأته، وهنا يكمن الخطأ، فأغلب المرضى النفسيين لا تظهر عليهم تلك العلامات وإلا لكان نصف المغاربة بحسب الدراسة « مصطيين و بوهاليين يتجولون في الشوارع»! انتشار ظاهرة المرض النفسي في المغرب يضع ولأول مرة الحكومة والمسؤولين أمام الحجم الحقيقي للمشكلة التي تهدد مستقبل المغرب وترهن حاضر شبابه . السؤال المنطقي والذي يطرح نفسه بإلحاح هو »علاش المغاربة مراض نفسانيا؟«. السؤال لايحتاج إلى مجهود للإجابة عنه, وللإشارة فقط يتوفر المغرب، الذي يزيد عدد سكانه عن 35 مليون نسمة، على 25 وحدة صحية متخصصة فقط، و80 وحدة للعلاجات اليومية، و5 مراكز للصحة النفسية للأطفال والمراهقين والشباب ويشتغل بهذه المراكز مجتمعة 160 طبيبا مختصا لكن وضعية هذه الوحدات الصحية على قلتها تظل مزرية بحسب التقارير الواردة بشأنها. وذلك ما أكده وزير الصحة الذي سبق أن أقر بصحة تقرير أعده المجلس الوطني لحقوق الإنسان بشأن أوضاع «مزرية وكارثية» تعرفها مستشفيات المرضى العقليين والنفسيين مؤكدا أن هناك بالفعل عدد من المشاكل في هذه المستشفيات ونقص في الموارد البشرية مشيرا إلى أن وزارة الصحة قررت التخلي عن بناء سبعة مستشفيات وتوفير ميزانياتها للإنفاق على الصحة العقلية والنفسية.