سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الحلقة رقم 19.شباط وبنكيران ليس سوى أدوات لثأثيث هذا المشهد، وعامة الشعب عليه أن يفهم أن الفاعل الذي يريد للشعب الخير ويشتغل ليل نهار من أجل مصلحته هو الملك والمؤسسة الملكية
ما موقع الاستقبال الملكي للأمين العام لحزب الإستقلال، السيد حميد شباط، في مجمل بناء هذا الذي يسمي مجازا أزمة سياسية في البلد...؟ بمعنى، هل نحن على طريق الحل لهذه الأزمة؟ أم أن الاستقبال لم يكن سوى شكل آخر من التصعيد وإعطاء نفحة هواء للاختناق الذي بدأ يشعر به جوكير هذه التبوريدة الجديدة ؟ لا يجب إغفال أن مطلب الاستقبال الملكي أصبح ملحا في الجولات الآخيرة للسيد شباط، حتى لو كان يطرح بمواربة وبحياء، إلا أنه كان واضحا للعيان أنه ، أي مطلب الاستقبال، أضحى الركيزة الأساسية كي تستمر ماكينة الإلهاء قادرة على أداء دورها ودون تحقيقه سيتآكل شباط رويدا رويدا، ولن يعدوا لسبابه وصراخه أي مفعول، ولربما سيكون سببا في موته السياسي... اللقاء تم تفصيله على مقاس الأزمة وفارسها، فالأخبار المسربة من ردهات قصر وجدة تفيد أنه لم يتعد دقائق محدودة، تم خلالها تسليم المذكرة التي تحمل 19 سببا يعتبرها حزب الاستقلال بأنها وجيهة لإعلان خروجه من الحكومة، دون إغفال رمزية الرقم 19 وما يمثله في المخيال الدستوري المغربي... البلاغ الذي صاحب اللقاء صمت عن وجهة نظر المؤسسة الملكية في هذه الأزمة، لم يعلن مباركتها علانية ولا شجبها السري، لكنه بالمقابل أهدى شباط وحزبه جرعة من المصداقية وهو يعترف أنه كان له تدخل في إبقاء الوزراء رغم قرار حزبهم بالخروج، وهو بذلك يعطي شرعية لتأبيد هذا الوضع الغريب في المؤسسات، وغرابة هذا الوضع لها مقاصد في فلسفة الدولة العميقة، ليس اتجاه شباط وبنكيران اللذان ليسا سوى أدوات لثأثيث هذا المشهد، ولكن اتجاه عامة الشعب أولا الذي عليه أن يفهم أنه لا فاعل سياسي في هذه البلاد، الفاعل الذي يريد للشعب الخير ويشتغل ليل نهار من أجل مصلحته بتنقلاته الكثيرة وتدشيناته، غير الملك والمؤسسة الملكية وأن هؤلاء الذين تم انتخابهم سواء من المعارضة أو الأغلبية، الإسلاميون منهم والليبراليون، لا هم لهم سوى التنابز والمخاصمة الفارغة، ثم أخيرا التشويش على الملك وعرقلة أداءه لمهامه وعمله، ومن هنا كانت رمزية الفترة القصيرة جدا المخصصة للاستقبال، فالملك كان متبوعا بمهمة تدشين مستشفى للأمراض العقلية، ومشاريع أخرى، ولا مجال لإطالة الوقت وتضييعه في لقاء شباط... ثانيا اتجاه المشهد السياسي الدولي، حيث أن اللقاء يقوم بوظيفة تفسيرية لهؤلاء الذين يعيبون على المغرب تأخره في دمقرطة المؤسسات وفي تضيقه على صلاحيات مؤسسة رئيس الحكومة، وفي تحكمه في السياسة والاقتصاد، الذين عليهم أن يفهموا أن الشعب المغربي وسياسييه لا زالوا غير مؤهلين لخدمة نفسهم بنفسهم على المستوى السياسي، وأن هؤلاء الذين كلفوا بالتنزيل الديمقراطي للدستور لازالوا غير راشدين، ومحتاجين في كل خصومة بينهم أو خلاف بسيط للتدخل الملكي... الآن وبعد اللقاء، ما هو الوضع السياسي لجميع الفرقاء؟ المنطق يقول أنه يجب انتظار الرد الملكي... الرد عن ماذا؟ عن الأسباب الوجيهة التي دفعت بشباط إلى إعلان الخروج من الحكومة؟؟ لكن ما هي مطالب شباط بالتحديد؟ لا أعني بها المطالب التي يلوح بها في لقاءاته بالجماهير الاستقلالية هنا وهناك، ولكنها المضمنة في المذكرة... وهي مطالب لم يصرح بها، اللهم إذا اعتبرنا أن كل سبب من الأسباب التسعة عشر يتضمن مطلبا محددا، كأن يكف بنكيران مثلا عن استعمال لغة التماسيح والعفاريت، ويصاغ الرد الملكي على شكل ظهير يمنع بموجبه كل رعية البلاد، وبنكيران من ضمنهم، عن استعمال مفردات التماسيح والعفاريت حصرا، أو مفردات كليلة ودمنة عموما... في انتظار الرد، والذي نتمناه سريعا، يجب الانتباه أن ما يسمى أزمة لا زالت قائمة... ان الاستقبال ليس نصرا لشباط ولا هزيمة لبنكيران، ليس سوى فصلا جديدا من هذه المسرحية التي ابتدأت بوصول هؤلاء الموظفين العموميين إلى سدة التدبير الإداري لشؤون المملكة، وستستمر إلى حين يغلب الغضب على يأس المواطن...