لقد تراجع ذوق النساء العربيات في السنوات الأخيرة والمراهقات منهن بالخصوص، فبعد أن كانت البنات في الخمسينات والستينات يعشقن رشدي أباظة وعمر الشريف، ثم حسين فهمي ومحمود حميدة وآخرين في العقود التي تلت ذلك، صرن اليوم يهمن حبا في شاب مصري قصير القامة يفتح أزرار قميصه بشكل فج ليظهر للبنات شعر صدره الكثيف، ولولا الألطاف الإلهية لكانت قد قامت ثورة مضادة في مصر بعد أن تزوج ذلك الشاب المصري الذي يدعى تامر حسني فتاة مغربية، حيث عبرت المصريات بمجرد علمهن بذلك الخبر عن امتعاضهن ومقاطعتهن للمغربيات اللواتي سرقن منهن الرجل رقم واحد في العالم العربي. وحتى بعد أن ارتبط تامر حسني وتزوج وأنجب الأولاد فإن المراهقات في المغرب مازلن مصرات على ملاحقته، ويتمنين أن يحصلن على شعرة من شعرات صدره، حيث فطن منظمو مهرجان موازين لهذا الأمر واحتفظوا بتامر حسني ليوم الاختتام، كي تخرج كل بنات المغرب إلى سهرته ويكون هو مسك الختام وينجح المهرجان المثير.
وكما تغار البنات من زوجته المغربية، فأنا أغار منه شخصيا، واعتبرني أجمل منه بكثير وأطول زيادة، أما قصة الشعر الغزير فلا أراها مهمة وليست إلا مظهرا، والرجل الحقيقي في نظري ونظر الكثيرين من الذين لا شعر لهم في الصدر هو روحه ودواخله.
في يوم من الأيام رأيت تامر حسني يتشعبط وينفخ صدره ليبدو طويل القامة وهو يتبع فتاة في أحد الكليبات، ومنذ ذلك الوقت تأكدت أن هناك مشكلة في العالم العربي، وأن الربيع الذي حصل لن يؤدي إلى نتيجة، لأن عالما عربيا ببنات عديمات الذوق لا يمكنه أن ينجز ثورة، مادامت الثورات تبنى أساسا على قيم مغايرة للجمال وعلى ذوق رفيع.
وفي هذه الأوقات وقبل الحفل بقليل، أنا متأكد أنكن تتجملن الآن لتامر حسني، ومتأكد أنكن ستخرجن بالآلاف، وستأتين بالحافلات والتاكسيات والسيارات ومشيا على الأقدام، لكن صدقنني أنا أجمل منه رغم أن لا أحد فكر في توجيه الدعوة إلي للغناء في مهرجان موازين.
لم يحدث أبدا في التاريخ أن أجمعت معظم الفتيات على أن يكون فارس أحلامهن قصيرا، ولهذا قررت أن أحضر اليوم إلى حفل تامر حسني لأعرف السر الكامن خلف هذا الإعجاب الغريب به، ولأتكد ما إذا كانت البنات قصيران هن أيضا مثله، أم يفقنه طولا.
أفهم أنه وحين تكون الفتاة قصيرة فهي تلجأ إلى الأحذية ذات الكعب العالي، ورغم أن تامر حسني مغن قصير، فإنهن مضطرات في ليلة الاختتام لانتعال هذا النوع من الأحذية، كي يتمكن من رؤيته واضحا من المنصة، خاصة اللواتي سيتفرجن عليه ويستمعن إليه من بعيد، أما هو فسيظل ينط هذه الليلة في الرباط وسيظل قصير القامة لأن الرجال عادة لا ينتعلون الأحذية ذات الكعب العالي، وسأظل أنا مقتنعا أن خللا وقع في مقاييس الجمال وأنني أجمل منه وأوسم وأن السر ليس في شعر صدره الكثيف فقط، بل في عمل معمول وسحر تعرضت له البنات من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر مرورا عبر حفلة هذه الليلة، التي أتوقع أن ترقص فيها المراهقات كما لم يرقصن من قبل، رغم أن تامر حسني متزوج ومن العيب أن نتحدث عنه بهذا الشكل، وأن تقفز البنات وتصرخن من أجله، واحتراما لزوجته المغربية لا تصعدن لتقبلنه، إنه لم يعد ملك نفسه، ولا أحد يتمنى أن ينتهي مهرجان موازين في يومه الأخير بمعركة بين بسمة بوسيل ومراهقات المغرب، انظرن فقط إلى الخلف، وستجدن رجلا طويل القامة وبشارب، تحدثن إليه وستتخلصن في الحين من تشبثكن غير المفهوم بذلك الفنان.