رفض مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات، التعليق على الحكم القضائي بسجن معاذ بلغوات الشهير ب"الحاقد"، لكنه أوضح في حوار مع جريدة "الأخبار" في عددها لهذا اليوم 20 فبراير 2013، أن الحاقد لم يحاكم بسب التظاهر وإنما بسبب "المس بالمؤسسة الأمنية". وقال الرميد "ما علاقة التظاهر والاحتجاجات والمطالبة بالإصلاحات بما حوكم من أجله معاذ بلغوات المسمى الحاقد. إنه محكوم من أجل ما اعتبر مسا بالمؤسسة الأمنية بناء على شكاية منها، حينما نعتها بأقدح النعوت، وأشار إليها بأسوأ الأوصاف. هل يستحق أن يعاقب على ذلك أم لا، هذا شأن قضائي بحث. وقد بث القضاء في المرحلتين الابتدائية والاستئنافية بالإدانة. ولا يمكنني بصفتي وزيرا للعدل والحريات أن أعلق في مثل هذه الأحوال بأي شيء يمكن أن ينعت بأن فيه مسا باستقلالية القضاء."
من واجب الرميد فعلا عدم التعليق على الأحكام القضائية حفاظا على استقلالية القضاء عن السلطة التنفيذية أو خضوعه لتأُثير من طرف هذه الأخيرة، كما حدث مثلا حينما قام وزراء من حزب التقدم والاشتراكية بالتظاهر أمام المحكمة العسكرية بالرباط خلال محاكمة معتقلي كديم إيزيك، في تأُثير واضح على القضاء وخرق لمبدأ استقلاليته المنشودة عن السلطة التنفيذية وغيرها من الجهات التي يمكن أن توثر فيه. لكن وزير العدل مطالب بالمقابل بالعمل على توفير ضمانات المحاكمات العادلة، خاصة في القضايا السياسية، ومنصبه كوزير للعدل قد لا يمنعه بالضرورة من الخوض في هذا المستوى بالتحديد، أي مدى توفر ضمانات المحامة العادلة.
وقد تحمل الوزير بالفعل مسؤوليته في هذا الجانب لكن في قضية أخرى وبمضمون مختلف تماما عما صدر عنه بخصوص قضية الحاقد. ففي نفس الحوار علق وزير العدل على أحكام قضائية نافذة في حق المعتقلين الإسلاميين دون أن يرى في ذلك "مسا باستقلالية القضاء". وهكذا أكد مصطفى الرميد أنه ما يزال يطالب ب"صدور قرار سياسي يعالج هذا الملف في إطار مقاربة تصالحية، تتأسس على فتح حوار مع هؤلاء"، وتتوج ب"العفو" عمن "تراجع منهم عن قناعاته" الإرهابية واسثتناء من "ما يزال مصرا على تلك القناعات."
بل ذهب الرميد إلى حد التعليق على الأحكام القضائية الصادرة في حق "فئة ثالثة، تضم الأشخاص الذين اتركبوا أعمالا إرهابية، أو كانت لهم مشاريع إرهابية وتراجعوا عن قناعاتهم، وقاموا بالنقد الذاتي الضروري لسلوكياتهم، فهؤلاء يتم دراسة حالاتهم واتخاذ القرارات الملائمة في حقهم عبر مراحل، وإني لا زلت أؤمن بهذه المقاربة. لكن ما يجب أن يعرفه الناس هو أن المرء حينما يتم الحكم عليه، فلن يبقى من باب مفتوح أمامه سوى العفو الملكي."
بمعنى أن وزير العدل لا يرى مانعا في التعليق على أحكام قضائية صادرة في حق معتقلين تمت إدانتهم على أساس "قناعاتهم" أو حتى على أساس "أعمال إرهابية ارتكبوها وتراجعوا عن قناعاتهم" بخصوصها، لكنه يعتبر نفس ما قام به "مسا باستقلالية القضاء" حين يتعلق الأمر بالحكم الصادر في حق مواطن آخر لم تتم محاكمته سوى عن "قناعات" عبر عنها في أغنية معينة. علما أن التعبير السلمي عن الرأي، وإن كان يستوجب المتابعة القضائية في حالات معينة، فإنه لا يحتمل السجن وفقا للمواثيق الحقوقية الدولية واستناد حتى على الاتجاه الرسمي المعلن عنه من طرف وزير الاتصال بإلغاء كافة العقوبات الحبسية في قضايا التعبير والنشر.