بعد ثلاث سنوات من الانتظار وتحمل المعاناة الناجمة عن الأشغال بالشوارع والطرقات الرئيسية٬ سيجني البيضاويون ثمار صبرهم بعد إعطاء الانطلاقة لواحد من المشاريع المهيكلة الكبرى بمدينتهم وتشغيل "ترامواي الدارالبيضاء" الذي طالما انتظروه. فبعد الرباط، جاء دور العاصمة الاقتصادية للارتقاء إلى مصاف العواصم العالمية لتعزيز مكانتها٬ بفضل وسيلة نقل مبتكرة وفعالة وبصفة خاصة بيئية٬ كوجهة للراغبين في استكتشاف أبعادها الحضارية والثقافية والعمرانية٬ وأيضا كمركز للأعمال ومحور مالي.
وتعد هذه الوسيلة أكثر من مجرد مشروع للنقل العمومي، ذلك أنها تحمل رؤية حضرية وبيئية جديدة٬ باعتبار أن النقل يعد مكونا أساسيا لإنجاح التنمية بهذه العاصمة الاقتصادية٬ كما أن هذه الوسيلة تبرز الموروث العمراني بخلق فضاءات حضرية ستكون لها انعكاسات على الدينامية الاجتماعية والاقتصادية للأحياء التي ستعبرها في أجواء من الجمالية والاستمرارية والسلاسة.
وستتيح هذه الوسيلة سيرا خاليا من الازدحام٬ وبيئة نقية وصخبا وتلوثا أقل وهو ما يشكل رهانات لجودة حياة أفضل٬ وخاصة بالنسبة للقاطنين في المواقع التي يمر بها "ترامواي"٬ والذين طالما بحثوا عن الهدوء المفقود.
فبفضل الأشغال الكبرى وعمليات التزيين التي رافقت هذا المشروع لاسيما في ساحة الأمم المتحدة٬ التي أخذت وجها يليق بالقرن الواحد والعشرين٬ وساحة الدارالبيضاء المسافرين٬ التي أعيد تهيئتها إلى جانب إنجاز خمسة أقطاب للتبديل لتفاعل المرور مع الحافلات٬ عرفت مساحة 90 هكتارا من المدينة إعادة التهيئة مع غرس 2000 شجرة ونخلة واستنبات 2000 شجرة أخرى.
وعرف هذا المشروع منذ منتصف أكتوبر تجارب لتشغيل "ترامواي"٬ وتكوينا عمليا لعشرات المجموعات المعبأة لإنجاز هذا المشروع (سائقون٬ وعناصر الأمن٬ ومراكز المراقبة). كما تعود البيضاويون خلال هذه التجارب على سماع جرس "ترامواي" عند وصوله أو اقترابه في انتظار ركوبه بعد الحصول على التذكرة أو بطاقة الاشتراك.
وقرر مجلس المدينة مؤخرا تشجيع البيضاويين على استعمال هذه الوسيلة٬ دون استبعاد الرفع من قيمة ركن السيارة وسط المدينة٬ بتحديد ثمن التذكرة في ستة دراهم٬ بينما حدد واجب الاشتراك الأسبوعي في 60 درهما٬ والاشتراك الشهري في 230 درهما٬ فيما لا تتعدى قيمة هذا الاشتراك الشهري بالنسبة للتلاميذ والطلبة 150 درهما.
وسيربط "ترامواي الدارالبيضاء" شرق المدينة بغربها على مسافة 31 كلم٬ عبر الأحياء الرئيسية ومن خلال 48 محطة وقوف٬ ويبلغ طول كل مقطورة مزدوجة 65 مترا لنقل 604 مسافرين٬ وهو ما يمثل 250 ألف مسافر يوميا عبر 37 مقطورة متحركة.
وسيقدم "ترامواي الدارالبيضاء" خدماته من السادسة والنصف صباحا إلى الساعة العاشرة مساء٬ وإلى الحادية عشرة والنصف مساء في نهاية الأسبوع في مدة زمنية تستغرق 60 دقيقة من محطة الانطلاق إلى محطة النهاية٬ وذلك بسرعة يصل معدلها إلى 19 كلم في الساعة.