خلال سنوات الدراسة في المعهد العالي للإعلام والاتصال، كانت سحب من خيبات الأمل تتراكم بين الفينة والأخرى، لأسباب ذاتية وموضوعية، فكانت عملية البوح للأسطر مهربا من ضغط بعض اللحظات العصيبة في المرحلة الدراسية الجامعية، في غياب في معهد الصحافة الحكومي في الرباط، لأية أنشطة ترفيهية أو موازية أو للوقت الثالث تمكن الطلبة من التنفيس عن الذات. فأصدقك القول أيها السطر المستقيم، أني خزان من هم وغم، في دواخلي جراح تنبت كل ليلة في وحشتي الظالمة، في وحدتي القاتلة، في غرفتي الباردة، مخداتي ترفضن أن تلعبن معي لعبة الصديق الحنين والمنصبت للشكاوى المبثوثة في الظلام.
أن يتخلى عنك حتى خيالك، حتى فكرك، أن تتحول إلى سجل من اللعنات المتراكمة، أن تتحول الرغبة في الموت إلى الدعوة الأولى مع كل صباح، أن تشرب كؤوس القهوة السوداء، أن يتفرق من حولي الرفاق واحدا واحدا، حتى صرت نسيا منسيا.
هي الدنيا والأخطاء تتكالبان، وتلعبان على حبال الزمن، ليتحول الجسد إلى كومة من النار الخامدة، فقد تقوم لها قومة وقد تموت في صمت، وما أضعف الموت في صمت، لا يعرف لا القريب ولا البعيد بخبرك، ولا شاهد قبر يزوره الوالدان للترحم، فهي الحياة بكل مرارتها أتجرعها كل ليلة، مع فرشة الأسنان، مع كل ذرة إحساس بغياب الأمان.
هو تنازل خطي مني عن كل مدن الأحلام التي سكنتها وسكنتني، إلا أني خنتها، فالحمل ثقيل، وبعد القيل والقال، صار التغير من المحال، لقد اشتد عود الظهر بعد ضربات قاتلة، دمرت كل علامات الجمال في دواخل الروح، لينتصب الجسد مشوها يحمل كل ندوب الحظ العاثر، وثروة من الفشل، وخزانا مفرغا من الأمل، أمن الممكن أن يأتي عقب كل هذا الشتاء موسم من الربيع يعلن عن تفتح الزهور في رحاب قلبي الجاف من الدماء، وروحي الميتة؟
لعمري هي الحياة تضرب بقوة فتميت، ولا تبقي ولا تذر، وبئس الحظ العاثر، فليأتي الموت بسرعة ليرتاح الجسد المعذب، والقلب المهزوم، مع خالص حبي لك أيها السطر المستقيم بعد أن أصبحت مثلي مهموم محموم، فالفصول في السنة في الوطن 4 إلا أنها تحولت لدي إلى فصل واحد فقط.