سيدخل عزيز أخنوش التاريخ لثلاثة اعتبارات ومعجزات على الأقل، أولها أنه الوحيد الذي انتبه لما في الطرقات من حاجة إلى محطات للوقود، وأن السيارات تفتح الشهية، فإذا كانت هي تحتاج إلى الوقود، فإن صاحبها، أيضا، لا بد له من محروقات. ولهذا، فقد وضع عزيز أخنوش طاولات للأكل إلى جانب محطات ضخ البنزين. والسبب الثاني الذي سيجعله يدخل التاريخ، وهو يلوح بيديه، هو أنه وقف إلى جانب السيدة حرمه إلى أن أصبح لنا «موروكو مول» نحج إليه كلما تجاذبتنا هواجس البورجوازية العطرة، أو كلما سحرتنا في الغياب فساتين الاستهلاك الجميلة. أما الإنجاز الكبير، والذي سيضمن له منصة التتويج التاريخي، فهو البيان الذي أصدره بعد أن فجرنا فضيحة الذرة الحاملة لبذور السرطان. فهو إنجاز يفوق ما فعله عندما تحول من سنبلة إلى حمامة في الحكومة السابقة، حيث أن الرجل نام سنبلة حركية ثم استيقط حمامة تطير بجناح السيد مزوار، وهو إنجاز لا نعرف مثيلا له سوى ما حاوله الأحمق عباس بن فرناس عندما صدق، بالفعل، أنه يمكن أن يطير بدون أن يكون في حزب الحمامة، فكان له ما تعلمون. وكذلك يعتبر هذا البيان ( رقم 1 على عادة البيانات العسكرية الحاسمة)، إنجازا أكبر من إعلان السيد أخنوش عن الاستقالة وتشبثه بوزارة الفلاحة، حتى وقد قدم نفسه إلى الناخبين المحترمين كحمامة، ولكنه طار هذه المرة من القفص الذي صنعه مزوار لحزبه، قفص المعارضة، وحلق في سماء بنكيران حرا وحرا وحرا... وقد قال لنا السيد وزير الفلاحة، الثري والشهير، بأن الذرة الحاملة لألياف السرطان، لا توجه إلى «بني آدم»، بقدر ما أنها تستعمل أعلافا للحيوانات. وبذلك فهو يخبرنا بمعجزة فلاحية كبيرة، مفادها أن السرطان مخصص للحيوان في المغرب، وأن الذرة المسرطنة لا تصل إلى معداتنا.. الله أكبر الله أكبر الله أكبر.. ولا إله إلا الله .. فلا وجود لغير عزيز أخنوش لكي يخبرنا بأن الذرة التي تهز أوروبا وأمريكا، عندما تصل إلى بلاد المغرب الأقصى تصبح بردا وسلاما علينا، ولا تخشاها سوى بهائم المغاربة البكماء. لماذا سكت الوزير كل هذه المدة، أو كل هذه السنوات التي مرت عليه في الوزارة حول موضوع تابعه العالم كله؟ ولماذا لم يطمئننا من قبل أن تفجر تقارير أمريكية حصلت عليها الجريدة حصريا، هذا المستور؟ لأنه كان يعتقد بأننا ربما، نأكل مثل البهائم ولا نصاب بالورم. هكذا، يفكر الوزير الحر، الطليق، الذي تنازل له بنكيران- قيل لنا- عن الوزارة وعينه فيها وهما في الجزائر ...؟ صاحب الامبراطورية الإعلامية، وهو بهذا يعرف جيدا ماذا يعني الإعلام وقوته، وهو يعرف ذلك جيدا إلى درجة أنه يعرف متى يطرد المسؤولين الصحافيين، ومتى يعينهم، ومتى يغضب من أسبوعيته ومن صحافييها.. لهذا لا نغفر له هذا السهو، وهو معجزة رابعة، ربما نكون قد نسيناها.. ينشر في "كود" باتفاق مسبق مع كاتبه 9/28/201