رغم اشتعال حدة الجدل منذ شهر في أوربا حول الذرة المسببة للسرطان، ظلت وزارة الفلاحة والصيد البحري ، تنتظر ربما صدور مقالنا في الموضوع قبل أن تطلع علينا ببلاغ تؤكد فيه " أنه لا يتم السماح بوجود أية منتجات معدلة جينيا ضمن المواد المستوردة الموجهة للاستهلاك البشري" ولأننا لم ندع في أية فقرة من فقرات مقالنا السابق بأن الذرة المسببة للسرطان المستوردة الى المغرب توجه "للاستهلاك البشري"، يبقى بلاغ وزارة الفلاحة مفيدا من حيث اعترافه الضمني بوجود هذه المنتوجات المعدلة جينيا في أسواقنا، ولكن فقط لاستعمالها في مركبات الأعلاف الحيوانية. ولمزيد من التوضيح اتصلنا أمس بأحد كبار مستوردي هذه الأعلاف إلى المغرب، وهو مسؤول بشركة متخصصة في هذه الأعلاف المركبة الموجهة لقطاع الدواجن - نتحفظ على ذكر اسمها التجاري- فأكد لنا أن عملية استيراد منتوجات الذرة المعدلة جينيا ومعها الصوجا المعدلة، هي الأخرى تتم في المغرب بشكل طبيعي " ولم يسبق لأي جهة أن اعترضت وارداتنا من هذه المنتوجات". وأضاف ذات المسؤول " نحن نستورد الذرة والصوجا منذ سنوات من ثلاثة أسواق رئيسية هي البرازيل والأرجنتين والولايات المتحدةالامريكية، ولم نتعرض يوما للمساءلة عن طبيعة وارداتنا، صحيح أنه يتم أخذ عينات من هذه السلع، ولكن فقط لمراقبتها من حيث معدل رطوبتها وصلاحيتها للاستهلاك الحيواني وعدم احتوائها على جراثيم.. أما من حيث أصلها الجيني فالكل يعلم بأن 80 في المائة من منتوجات هذه الدول الثلاث معدل جينيا.." ويضاف إلى هذه الشهادة التي نقلناها بالحرف، اعتراف تقارير وزارة الزراعة الأمريكية التي تتحدث بالأرقام عن كميات هذه المنتوجات المصدرة الى المغرب والتي كلفت المستوردين المغاربة 930 مليون دولار . ولأن وزارة أخنوش لم تستطع في بلاغها نفي أرقام الواردات من الذرة المسرطنة، فإنها فضلت الاكتفاء بالإشارة إلى أن "الممارسة والتشريعات في جميع أنحاء العالم تقر بوجود مواد معدلة جينيا في بعض الاغذية المخصصة كعلف للحيوانات"، كما لو أن الحيوانات التي تستهلك هذه الاعلاف لا تشكل خطرا على صحة البشر !! صحيح أن الصنف الذي حذرت منه الدراسة الفرنسية قد لا يكون هو بالضرورة الموجود في الأعلاف المركبة المستوردة إلى المغرب ، ولكن شركة "موسانطو" التي تنتج ذلك الصنف هي نفسها التي تنتج معظم منتوجات القارة الأمريكية من الذرة، ومعروف دوليا أن هذه الشركة المنتجة للبذور لا تعتمد إلا على تقنية التعديل الجيني. غير أن ما لم يجبنا عليه البلاغ، هو لماذا لا يتم العمل بمذكرة المنع الصادرة في 1999 ؟ ولماذا تم إقبار مشروع القانون الخاص بتكنولوجيا الزراعة البيولوجية منذ 1998 ؟ وهل للوبيات الاستيراد دور في تعطيل هذا القانون بأدراج مكتب عزيز أخنوش رغم أن المغرب صادق على اتفاقية قرطاج التي تحظر استيراد المزروعات المعدلة جينيا؟