لا تزال هناك أسئلة كثيرة حول فيلم الهواة الرخيص الكلفة "براءة المسلمين" الذي تم إعداده قبل أكثر من سنة في الولاياتالمتحدة. ويعلم الآن القليل عن أحد منتجيه، نقولا باسيل نقولا وهو قبطي (مسيحي من مصر) في الخامسة والخمسين من العمر، مقيم في سيريتوس قرب لوس انجليس. وقد اتهم في 2009 بالاحتيال المالي. وكان نقولا قام بحسب ملف الاتهام مع أشخاص آخرين، بالاستحواذ عبر الغش على هويات وأرقام الضمان الاجتماعي للعديد من عملاء فرع مصرف "ويلز فارغو" في كاليفورنيا. لكن نقولا غادر سريعا السجن متمتعا بإطلاق السراح المشروط. وقام، أمس السبت (15 شتنبر 2012)، عناصر مكتب التحقيقات الفدرالي (إف. بي. آي) باستجوابه بشأن مدى احترامه لشروط إطلاق سراحه التي تمنعه من ضمن أشياء أخرى من استخدام الحاسوب أو الانترنت لمدة خمسة أعوام، كما أفاد متحدث باسم الشرطة وكالة فرانس برس. وذكرت التلفزيونات المحلية أن الرجل غادر منزله بنفسه طليق اليدين، وهو يرتدي معطفا وقبعة ووشاحا ونظارات لإخفاء ملامحه. وكان نقولا سجن أيضا لسنة بعد أن أقر بذنبه لحيازة أقراص ميثافيتامين في 1997، ونيته في إنتاجها. كذلك تتضح الآن معلومات قليلة بشأن الأطراف الآخرين التي تقف وراء إنتاج هذا الفيلم الرخيص، في صيف العام 2011، في دوارتي على بعد 45 كلم من لوس انجليس. فالفيلم المرافق بدبلجة سوقية وديكور منفر، يزعم أنه يروي حياة النبي محمد (ص)، ويتحدث عن مواضيع تتعلق بمثليي الجنس والتعدي الجنسي على الأطفال. كما يقدم المسلمين على أنهم غير أخلاقيين وعنيفين. وشاركت في الإنتاج أيضا منظمة "ميديا فور كرايست" (وسائل إعلام من أجل المسيح)، التي تضم مسيحيين إنجيليين أميركيين من اليمين معادين للإسلام مثل قس فلوريدا تيري جونز المعروف بإحراقه علنا نسخ من المصحف. ويعتقد أن الفيلم من إخراج آلان روبرتس (65 عاما) المعروف بإخراج أفلام إباحية ومثيرة رخيصة الكلفة، بحسب موقع غوكر على الإنترنت. ويؤكد الممثلون، بحسب هذا الموقع، أنهم خدعوا لأنهم كانوا يعتقدون أنهم يمثلون في فيلم خيال عن مغامرة مثيرة، قبل أن يدركوا أن الحوار مغطى بدبلجة دعاية معادية للإسلام. كذلك يظهر وراء "براءة الإسلام" أيضا رجل غامض باسم "سام باسيل"، وهو اسم مستعار لشخص قدم نفسه في وسائل الإعلام على أنه "يهودي إسرائيلي أميركي". وقال إنه صنع هذا الفيلم لمساعدة الدولة العبرية معتبرا الإسلام بمثابة "سرطان". وتعتقد الصحافة أن "سام باسيل" ما هو سوى نقولا. لكن أحد المستشارين بشأن الفيلم ستيف كلاين نفى أي ضلوع لإسرائيل. ونددت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، من جهتها، بالفيلم ال"مقرف"، مؤكدة أنه ليس "لحكومة الولاياتالمتحدة أي صلة" به. إلا أن الغموض ما زال يحيط بالأسباب التي أدت إلى أن مقتطفات نشرت على موقع (يوتيوب)، منذ أشهر، تسببت فجأة بموجة من أعمال العنف المعادية للأميركيين في الشرق الأوسط وشمال افريقيا. فقد قتل 15 شخصا في أعمال العنف هذه بينهم السفير الاميركي في ليبيا كريس ستيفنز في هجوم على القنصلية في بنغازي. وعندما توجهت إذاعة (سوا) الأميركية، التي تبث بالعربية، إليه بالسؤال عبر نقولا عن "حزنه" لمقتل ستيفنز، لكنه غير نادم عن الفيلم. وأكد أنه قام بنفسه بنشر مقتطفات منه على الأنترنت، وأنه ينوي نشر كل الشريط. وكانت التلفزيونات المصرية بثت مقتطفات ال14 دقيقة بمساعدة المحامي القبطي المصري موريس صادق الذي مقره في واشنطن. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، فيكتوريا نولاند، إن هذا "الشريط ينشر على الانترنت منذ أشهر بدون مشاهدة كبيرة، قبل أن يشعل فجأة كل المنطقة في اليوم نفسه الذي بدأت فيه تظاهرات" في الشرق الأوسط، خصوصا في مصر. وأقرت الولاياتالمتحدة أن الفيلم يحظى بحماية الدستور الذي يمنع التعديل الأول له حول حرية التعبير الملاحقات لتصريحات مهينة أو تشهيرية. لكن نقولا قد يكون انتهك قواعد الحرية المشروطة، وفي هذه الحالة قد يعود إلى السجن، و"هذه المسألة هي قيد الدرس"، على ما أكد مسؤول قضائي.