سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لكريني ل "كود": على الحكومة كشف العراقيل التي تعترض عملها عبر المؤسسات وإذا لم تكن لها الجرأة على ذلك واستمرت على منوال التشكّي من "المجهول" فذلك يمكن اعتباره مجرد تصريف للأزمات الحقيقية
كود: هل فعلا تواجه الحكومة تحديات تعرق عملها؟ تأتي حكومة بنكيران في ظرفية خاصّة ومتميزة تختلف كثيرا عن المرحلة التي تزّعم فيها الاتحاد الاشتراكي الحكومة برئاسة ذ.عبد الرحمن اليوسفي، رغم أن هناك تشابه من حيث تفشّي المعضلة الاجتماعية وولوج المعارضة للعمل الحكومي. ويتجلى هذا التميز في وجود مقتضيات دستورية جديدة تمنح هامشا أوسع للتحرك؛ وهي تفرض أجرأتها على أرض الواقع بصورة سليمة؛ ووجود حراك مجتمعي مواكب لما يجري على الساحة، ورغم أن المغرب تجاوز تبعاته إلى حدود الساعة بأقل تكلفة، مقارنة مع دول أخرى في المنطقة، فإن عودة الحراك لازالت قائمة وهي مرتبطة أساسا بمدى جدّية المبادرات التي تتّخذها الدولة، وكذا بسلوك مختلف الفاعلين السياسيين في هذا الصدد. كود: ما هي الإشكالات المطروحة حاليا أمام حكومة عبد الإله بنكيران؟ هناك إشكالات ملحّة من قبيل التعاطي الجدّي مع القضايا الاجتماعية المرتبطة بالتعليم والتشغيل والصحة وإصلاح القضاء ومواجهة الفساد واقتصاد الريع، إضافة إلى السعي لجلب الاستثمارات وتجاوز تداعيات الأزمة المالية العالية وتنويع الأسواق العالمية.. وهناك إشكال آخر يرتبط بتطبيق مقتضيات الدستور الجديد على وجه سليم؛ وهذه مسؤولية تاريخية كبيرة وجسيمة تتحملها حكومة ذ.بنكيران، التي جاءت في مرحلة انتقالية تتطلب الكثير من الحذر والجرأة لتأسيس ممارسات تقطع مع الإشكالات التي طرحتها الدساتير السابقة على مستوى التداخل بين السّلط؛ وتكييف البنود تبعا لموازين القوة؛ ويبدو أن اصطدام صلاحيات رئيس الحكومة مع صلاحيات الملك في هذه المرحلة هو أمر طبيعي طالما أن الحكومة على محكّ تطبيق النصوص الدستورية الجديدة. وفي أي مشهد سياسي متحوّل غالبا ما تبرز مثل هذه الإشكالات التي قد تثيرها أحيانا قوى مقاومة للتغيير؛ غير أن ذ.حكومة بنكيران لها من المشروعية والمصداقية الشعبية ما يؤهلها للعمل على تنزيل هذه المقتضيات على الوجه السليم وتجاوز مختلف المشاكل في هذا الشأن إذا رغبت في ذلك. وبغضّ النظر على الإشكاليات التي يطرحها التناول الإعلامي وتضخيمه لهذه الأمور، فإنني أعتبر أن تداول هذه المواضيع بصورة علنية وقانونية وأكاديمية هو أمر إيجابي، يمكن أن يسمح بانخراط مختلف الفاعلين، ومنهم الأكاديميون والباحثون، بالمساهمة في التنزيل السليم لمضامين الدستور؛ وإغناء النقاش في هذا الشأن. كود: هل تعتقد بأن هناك محاولات لإفشال تجربة العدالة والتنمية؟ تجربة العدالة والتنمية يمكن أن تفشل كأي تجربة حكومية سابقة، لكن هناك فرق بين فشلها نتيجة عوامل ذاتية وموضوعية، كسوء التدبير أو نتيجة الأزمة المالية العالمية، أو عدم القدرة على المحافظة على التحالف الحكومي وانسجامه؛ وبين محاولة إفشالها من خلال تقزيم صلاحياتها أو وضع مجموعة من العراقيل إزاء مقاربتها لملفات حيوية، كمحاربة الفساد، واقتصاد الريع وإصلاح القضاء.. وهنا تكمن الخطورة لأن ذلك لن يسهم إلا في التراجع عن المكتسبات وإدخال البلد في متاهات أخرى قد تعقد المشهد السياسي من جديد.. والواقع أن تأمين المرحلة الحالية يتطلب قدرا من التعاون واحترام الصلاحيات واستحضار حساسية المرحلة والتأسيس لممارسات سياسية ودستورية تنسجم والتحديات المطروحة؛ لأن ما دون ذلك لن يكون في صالح الدولة ولا المجتمع. كود: هل فعلا هناك أزمة بين الحزب الذي يقود الائتلاف الحاكم ومحيط القصر؟ على حزب العدالة والتنمية أن يعي حجم التحديات المجتمعية المطروحة حاليا، ويستوعب تبعات موقعه الجديد ضمن الحكومة؛ ويعمل على تطبيق البرنامج الحكومي بقضاياه المختلفة وتطبيق المقتضيات الدستورية دون ضجيج أو المبالغة في التشكّي وتوظيف نظرية المؤامرة.. وفي نفس الوقت عندما تشعر الحكومة بأن هناك عرقلة لعملها، فهي مطالبة بأن تقف وقفة صارمة، وتكون لها الجرأة، لتعبّر عن ذلك بشكل واضح وصريح، وبشكل رسمي وعبر مؤسسات، وليس من خلال تصريحات إعلامية متفرقة هنا وهناك، سرعان ما يتم التراجع عنها فيما بعد بما يخلق حالة من الارتباك في أوساط الرأي العام. وإذا لم تكن لها الجرأة على ذلك واستمرت على منوال التشكّي من "المجهول"، فإن ذلك يمكن أن يعتبر مجرد تصريف للأزمات الحقيقية لا غير.