سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خصوم العدالة والتنمية يصابون بعدوى التصريحات السياسية المثيرة لبنكيران ويقترضون من قاموسه السياسي طمعا في نجومية إعلامية مماثلة أثارت غيرة الأغلبية قبل المعارضة
في أسلوب تواصلي لم تعهد له الساحة السياسية المغربية مثيلا، أصيبت المعارضة السياسية لحكومة بنكيران، بل وحتى أغلبيته، بعدوى الخرجات الإعلامية المدوية التي أعادت للشأن السياسي شيئا من الفرجة المفقودة أو المفتقدة، بعدما اكتشف الجميع ما أنعم به هذا الأسلوب التواصلي من ثمار سياسية وإعلامية كبيرة على رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران حتى صار النجم الأول الذي اخترق صدى نجوميته أبواب القصر، ليسارع هذا الأخير إلى إحداث خلية مهمتها تحسين صورة الملك في الإعلام أمام الحضور المتزايد لبنكيران خصوصا بالصحافة المستقلة والإلكترونية، بل وحتى في أحاديث الناس بالمقاهي والمكاتب والمساجد. لأول مرة يكتشف المغاربة رئيس حكومة ملئ الدنيا وشغل الناس بتصريحاته التي تكاد لا تتوقف، وفي كل الاتجاهات. وتزداد قوة هذا الاكتشاف لثلاثة أسباب: أولا: مجيئ بنكيران خلفا لوزير أول اسمه عباس الفاسي على النقيض تماما من حيث الأعراف التواصلية، إذ لم تكد تسمع أخباره أو بالأحرى صوره إلا في التدشينات والاستقبالات الملكية أو في الاجتماعات الأسبوعية للحكومة أو في الوعكات الصحية. ثانيا: مجيء بنكيران محمولا فوق رياح الربيع العربي وما رافقها من تطور غير مسبوق لدور المواقع الإلكترونية والروابط الاجتماعية الإلكترونية في تنشيط الحياة السياسية، ثالثا: طبيعة القاموس الذي يقترض منه بنكيران عباراته وكلماته، فتارة من الحقل الديني بالاستدلال بالآيات القرآنية والاحاديث النبوية وحتى بقصص الأنبياء والرسل، وتارة من المعجم العامي عندما يتحدث عن شغال العيالات في الحمامات وعن وجود التماسيح والعفاريت... وتارة يستعمل الوعيد والترهيب عندما يهدد أو يكذب بعض الصحف او عندما يهدد خصومه بالفريش أو بشبح الربيع العربي، وتارة يستعمل الترغيب، بل إلى درجة التراجع والتنازل مثل الاعتذارات المتكررة للملك أو دعوته الشهيرة إلى العفو عما سلف أو التأكيد على براءته من مطاردة الساحرات. أغلبيته صارت تعتمد نفس الأسلوب عندما يشتد عليها الخناق السياسي، فأعضاء من فريقه البرلماني أبدعوا خلال الثلاثة شهور الماضية العديد من التصريحات النارية من قبيل وصف معارضي دفاتر تحملات الخلفي بالبوليس الإعلامي وكذا بمناصري التطبيع مع إسرائيل بعد بث دوزيم للوثائقي "تنغير جيروزاليم". ومن آخر "إبداعات" أفتاتي وصفه للبامي إلياس العماري بمنديل في يد الهمة وبانه يتعبد بمواجهته. أوزين وزير الشبيبة والرياضة هو الآخر بدا يسير على نفس النهج عندما هدد في أكثر من مناسبة بالمحاسبة في قطاع الرياضة خصوصا بعد فضيحتي الأولمبياد وكأس إفريقيا لكرة القدم، او عندما خرج ليدافع عن المغربية للألعاب والرياضة ويقول عن الخلفي "إنه ليس فقيها حتى يحلل ويحرم" في إشارة إلى منعه لإشهار اليانصيب في التلفزيون او عندما خرج ليدافع عن صورة ابنته مع ميسي بعدما اشتد عليه القصف ليقول: أليست هي كذلك بنت الشعب. حتى التوفيق وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أصيب بعدوى التصريحات النارية عندما شبه طقوس البيعة المغربية ببيعة الرضوان. في الجهة المقابلة، انتقلت العدوى إلى المعارضة، فصار مصطفى الباكوري رئيس حزب الأصالة والمعاصرة شبيها ببنكيران في تدخلاته عندما قال في الندوة الصحافية للحزب التي عقدها قبل أسبوع "أقول لبنكيران صاحب التماسيح والعفاريت إنما هي تخرج من المصباح" في تقطير للشمع على حزب المصباح، وكذلك فعل رفيه إلياس العمري عندما قال عن أفتاتي إنه مريض "بالمؤخرات". أكيد أن مثل هذه التصريحات تعيد الفرجة للحياة السياسية المغربية، لكن شريطة أن تكون معبرة عن قناعات ومبادئ لا فقط مناورات سياسية ظرفية تظهر عكس ما تضمر، وإلا انقلب سحرها على الساحر.