يحلو للناس أن تلقبه بأكثر الألقاب تقربا إلى البساطة. أهدوه في لحظة بدء الحكم لقبا يدل على قربه من فقراء الناس، وأهدوه على امتداد أيام حكمه الأخرى ألقابا كثيرة كلها تصب في اتجاه واحد: هذا الملك قريب من شعبه. قرب التقطته العين المغربية العادية، البسيطة، وجعلته نبراسا تهتدي به للتعرف على ملكها كل مرة ويوما بعد يوم. بعيدا عن الكلمات المتعالمة أو تلك التي يلجأ إليها الباحثون عن أمور أخرى غير قول الحقيقة، يبدو الشعب - وهو الأهم في نهاية المطاف - مقتنعا أن هذا الشاب الذي وصل إلى الملك سنة 1999هو بركة من السماء. عناية ربانية أعطاها الله لبلد يؤمن بالبركة، بالغيبيات، برحمة السماء، بكثير من الأمور الروحية، ويفسر بها المسارات كلها. لمن يعرفون تاريخ المغرب قليلا أو كثيرا يعرفون أن هذا البلد سخرت له الظروف كل مرة الملك المناسب في الزمان المناسب . يرددها العارفون بها دائما ويقولون إن شخصية محمد الخامس كانت الأكثر ملاءمة لمغرب السنوات الأولى للاستقلال وكانت الأقدر على الجمع بين الحركة الوطنية وبين القصر، وأن شخصية الحسن الثاني عكست تجاذبات الستينيات والسبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وكانت انعكاس كل ذلك الصراع الإيديولوجي والسياسي الذي عاشه العالم كله، وأن شخصية محمد السادس كانت وحدها قادرة على قيادة مغرب بداية الألفين، وكانت الأقدر على الانتقال بكل الهدوء الممكن وبكل الاستماع لصوت الناس في لحظة عصية عل ىالوصف مثل لحظة "الربيع العربي". لعله السبب الذي يجعل لاحتفال المغرب والمغاربة بميلاد جلالته اليوم معاني كثيرة، رغم إلغاء مظاهر الاحتفال حدادا على الراحلة للا فاطمة الزهراء (وذلك وجه آخر من وجوه إنسانية محمد السادس التي لم تعد تخفى على أحد). رهانات المغرب اليوم مع محمد السادس هي رهانات أكبر من شعار سريع نكتبه ونعلق عليه ونحن نتحدث عن دستور 2011 وعن الطبقة السياسية التي ستنزله، وعن النخبة التي سترافق كل إصلاحات الملك. رهانات الملك، والبلد معه، رهانات تكريس للاستقرار الذي يفاخر به المغرب الآخرين، ورهانات تنمية من أجل تمكين المغربي من حياة أفضل تتحسن يوما بعد يوم، ورهانات تأكيد علي أن أي انتقال في هذا البلد سيكون بنا جميعا أو لن يكون أبدا. لذلك نحتفل ونحن نعرف الحظ الذي نمتلكه في عالم اليوم، ونجد آلاف المبررات لإشهار فخرنا على رؤوس الأشهاد، فليس ممنوحا للجميع أن يعيش في ظل الأمن الذي يحيا فيه هذا البلد العظيم الآن. حمى الله البلاد وملكها وشعبها إلى آخر الأيام