عبد الباري عطوان، الصحفي الفلسطيني المعروف، متأكد في مقاله الأخير أن المقاومة ستكسب الحرب. ولا ذرة شك عنده بأن صواريخ حماس ستحسم المعركة. النصر قادم، وما علينا إلا نستعد للاحتفالات هذا صحفي مؤثر في العالم العربي ومقروء ويتحدث بالعاطفة إلى العرب. لا يرى عيبا في الكذب، مادام الكذب يصلح في مثل هذه المواقف ويدغدغ مشاعر الناس، وهم يحبون ذلك، ويطلبون منه المزيد. لكن كيف يمكن أن تنتصر حماس في غزة. المهم أنها ستنتصر وعبد الباري عطوان صحفي كبير، وعندما يقول شيئا فلا راد له.
والإخوان المسلمون يكتبون في كل مكان أن إسرائيل مفزوعة وتطلب تدخلا وأنها في ورطة وهناك من يصدق هذا الكلام منذ أكثر من خمسة عقود يعرف عبد الباري عطوان وأمثاله أكثر منا أن غزة لا يمكن أن يشرب سكانها الماء لو قطعته عنهم إسرائيل وكفت عن تزويدهم بهذه المادة التي لا يمكن للحياة أن تستمر بدونها. ولا جرعة ولا كأس ماء ولا صنبور يقطر ولا كهرباء دون موافقة إسرائيل ولا طعام كل شيء في غزة يأتي من المحتل الإسرائيلي، ومع ذلك فالمقاومة ستنتصر بصواريخها التي وصلت إلى مطار بن غوريون. وقد يموت أهل غزة دون حرب ولا قصف يموتون بسبب العطش والأمراض ومع ذلك ستنتصر المقاومة، وستقضي على إسرائيل بصواريخها.
هذا هو حالنا مع القضية الفلسطينية منذ عقود، نستحضر دائما قصة غوليات وداود الإسرائيلية، ونتوقع أنه بإمكاننا أن نهزم العملاق باللغة، في حرب بين من يملك القوة ومن لا يملك إلا الإيمان وقد جاء في الخبر أن داود كان يرمي بالمقلاع رميا عظيما، فبينما هو سائر مع بني إسرائيل إذ ناداه حجر خذني، فإن بي تقتل جالوت العملاق فأخذه..ثم رمى بها جالوت ففلق رأسه وفر جيشه منهزما. وهكذا هزم الغلام الصغير العملاق جالوت الذي كان طوله ثلاثة أمتار وهكذا انتصر جيش طالوت المؤمن وغلب الضعف القوة وقال صاروخ لحماس خذيني لأدمر تل أبيب لكننا لسنا اليوم أمام المعجزات والقصص الدينية نحن أمام قوة غاشمة تملك السلاح والتقدم والقوة ودعم القوى العظمى ولا نصر بتلك الصواريخ ولا بتشويه سمعة السلطة الفلسطينية، والرئيس محمود عباس، فقط لأنه واقعي ولا يرى من حل آخر ممكن سوى التفاوض حسب ميزان القوى، وحسب ضعف العرب وعدم قدرتهم حتى على حكم أنفسهم وتسيير دولهم، وحسب القوى المانحة التي على رأسها أمريكا والاتحاد الأوربي وإسرائيل طبعا. هناك متعة في قراءة عبد الباري عطوان وستاتوهات أحمد منصور التي تخبرنا أن إسرائيل قريبة من الاستسلام وبطولات صحفيي "العربي الجديد" المكلفين بفتح معبر رفح ومهاجمة مصر والسيسي مقابل الدينار القطري وتضامن الإخوان المسلمين مع حماس ضدا على السلطة الفلسطينية
كل هذا جميل ومؤثر وينم عن حس إنساني والأكيد الشيء الوحيد الذي لا شك فيه والحقيقي والواقعي هو الضحايا في غزة الضحايا الذين يموتون وتقتلهم إسرائيل يموتون بين وقف هدنة وهدنة وبعدد كبير يموتون والحال أن لا أحد تعرض لمكروه في إسرائيل جرح شخص وخافت امرإة وأصاب الهلع الأطفال وفروا إلى الملاجىء ورغم ذلك نكذب على أنفسنا وننتصر في الفيسبوك لقد خدع حسنين هيكل آباءنا في الماضي وهاهو عبد الباري عطوان ومدرسته يسيرون على نفس النهج انتصارات انتصارات وصواريخ تدك أرض العدو بينما لا يموت أحد إلا الفلسطينيون في غزة. وحين ينتهي القصف يلملم أهل غزة جراحهم ويظهر أردوغان وسفينة السلام وتوقع حماس مع إسرائيل هدنة جديدة تلتزم فيها بوقف إرسال الصواريخ التي قال عبد الباري عطوان إنها ستحسم المعركة.