الصدفة صدفة، لكنها في المغرب ليست محض صدفة. في المغرب نشك أكثر في الصدفة لأنها ليست صدفة بالمرة.
فصدفة مثلا أن يقود بنكيران حملة شعواء على سميرة سيطايل، إلا أنها ليست. وصدفة أن تتهمه سميرة سيطايل بالتحرش النفسي بها وليست صدفة بالمرة وصدفة ما كتبته الجرائد التابعة للعدالة والتنمية عن سيطايل وليست التوقيت أيضا صدفة، والأحداث التي تقع صدفة، ونحن نعيش في بلاد الصدف وليس ونتخيل أن كل ما يحدث في المغرب ليس صدفة وصدفة أن تعتذر القناة الثانية عن بث صور الملك الخاصة في تونس وصدفة أن يوبخها الديوان الملكي وصدفة أن يلمح بنكيران أن أيام سميرة سيطايل صارت معدودة في القناة الثانية وأنها ستغادر قريبا فكل شيء يحدث صدفة في المغرب ولا شيء يحدث حسب المنطق، ولا شيء له أسباب ولا شيء يمكن تفسيره حسب تسلسل الأحداث والوقائع والمقدمات والنتائج ولكي يحدث تغيير فيجب أن يحدث بمحض الصدفة ورب صدفة خير من ألف ميعاد حتى أننا ومن كثرة الصدف لم نعد نعرف من مع من ومن ضد من ومن يحكم ومن يعارض فبنكيران هو أيضا صدفة وأصبح أمينا عاما للعدالة والتنمية بمحض الصدفة وهاجم سميرة سيطايل صدفة ولم يدافع عنها أحد بمحض الصدفة وحتى الذين كانوا يدافعون عنها تخلوا عنها بمحض الصدفة وأصحاب الحداثة والحرية صمتوا بمحض الصدفة ولم يعد التحكم في الإعلام شغلهم الشاغل كل شيء صدفة لكننا نتخيل المؤامرة والتخطيط المسبق ومن كثرة الصدف صرنا نتخيل ونتوهم أن ما يقع مهيأ له سلفا بينما هو مجرد صدفة وخيالنا هو الذي يذهب بنا بعيدا وصدفة أن يتحدث بنكيران عن الدولة العميقة وعن سميرة سيطايل ليصبح هو الدولة العميقة وهو الذي يعرف أيام مديرة الأخبار المعدودة فهذه بلاد الصدف والعجائب وهذه أول مرة في التاريخ نعرف أنه هناك نوعين من الأخبار والصور صور وأخبار خاصة بالإعلام العمومي وصور وأخبار خاصة بالمواقع والإعلام الخاص والمستقل بينما كل ما يحدث مجرد صدفة وفرحة العدالة والتنمية بالديوان الملكي وهو يوبخ القناة الثانية أجمل صدفة من حزب يدعي أنه جاء من أجل التغيير كل شيء صدفة بينما لا أحد تضامن مع القناة الثانية فما قامت به مهني، من الناحية الصحفية، ولا يستدعي صدفة التقريع والتنبيه إلى الخطأ وأمام الملأ وآلاف المشاهدين وكان يكفي، لو لم يكن الأمر يتعلق بمحض صدفة، أن يتم تنبيه القناة ل"الخطأ" الذي وقعت فيه، وتحذيرهم من تكراره، دون كل هذه الضجة لكن الصدفة، عندما يكون مهيأ لها، فهي تحتاج إلى جلبة وإلى تطويف القناة الثانية وتعريتها وتقديمها للاعتذار كي يتفرج عليها الصديق والعدو وصدفة أن الجميع يتشفى في سميرة سيطايل وفي القناة الثانية في اللحظة الوحيدة التي يجب فيها التضامن معها والتضامن مع الحرية والمهنية إنها المرة الوحيدة التي أرى فيها أن القناة الثانية تعرضت لظلم وأن الواجب هو التضامن مع سميرة سيطايل وهي تعتذر لكن لا أحد يتضامن وبنكيران صامت وحزبه صامت والمعارضة صامتة والكل ينتظر الضربة الكل ينتظر بفارغ الصبر أن يرى سميرة سيطايل خارج القناة لقد قالها بنكيران إن أيامها معدودة وستغادر قريبا وبمحض الصدفة فعلا هناك أشباح في التلفزيون وفي الدولة صدق بنكيران لكنه صار واحدا منهم صار شبحا وصار حزب العدالة والتنمية حزب أشباح لا أثر لهم وصدفة أنهم لم يتدخلوا ولم يحتج أحد ولم يتكلم من يدافع عن حرية الصحافة ومهنيتها فدوزيم وهي تعتذر في نشرة الأخبار لم تعد منحازة والأهم هو رأس سميرة سيطايل حين لم تعد صدفة مسنودة ولم تعد تابعة للعفاريت والتماسيح بل مجرد فرد أعزل امرأة كما قالت وصار بنكيران يعرف صدفة أنه تم التوقيع على قرار التخلص منها ويخبرها أن أيامها معدودة وأصبح الكل يوجه إليه سهامه بحرية وصدفة وبنكيران جذلان والإخوان سعداء بفوزهم في بلاد الحرية والتوبيخ والاعتذار والصدف التي تأتي تباعا. وبعد أن كانت سميرة سيطايل مهنية لم يعد أصدقاؤها يذكرونها حتى بالاسم وكل هذا يحدث بمحض الصدفة في حرب حزب ضد امرأة يقولون عنها إنها مجرد موظفة ومن فرط جبنهم لا يقوون على الإشارة للشخص الذي وظفها.