سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هكذا يمكن قراءة إشهار الأمن العين الحمرا في وجه "المشرملين" ب "الدار الحمرا" بالبيضاء. شباب مسالمين ركبوا الموجة أحدهم طفل متفوق دراسيا لكن لا يمكن ضمان عدم تحولهم ل "مشروع مجرمين" في المستقبل
قدمت مصالح الأمن في المقر الإقليمي للشرطة بالحي الحسني في الدارالبيضاء، عصر اليوم الخميس، سبعة مشتبه بهم، على خلفية التحقيقات المنجزة حول ظاهرة "التشرميل". ويتعلق الأمر، حسب ما عاينته "كود"، بشباب، من بينهم طفل وقاصرين، ألقي عليهم القبض بعد نشر صور لهم وهم يحملون سيوفا ويرتدون ألبسة أضحت تميز المحسوبين على أتباع هذه الظاهرة. وضمت لائحة المحجوزات حاسوبين محمولين وساعتين، إلى جانب سلسلة وألبسة وأحذية رياضية.
غير أن الملفت، بناء على قراءة في هوية الموقوفين لحد الآن، أن المشتبه بهم ليسوا من ذوي السوابق العدلية، كما أنهم ليسوا من النوع المعروف بالعنف أو خلق مشاكل قد تصل حد ارتكاب فعل جرمي.
وحسب ما عاينته "كود"، فإن الطفل الموقوف في منطقة ليساسفة من التلاميذ المتفوقين، إلا أن القاسم المشترك بين المشتبه بهم هو انحدارهم من عائلات فقيرة، وهو ما يظهر أن هؤلاء كانوا يريدون التميز وإثارة الانتباه عبر موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" بطريقة لم يكونوا يتوقعون أنها ستأخذ هذا البعد، الذي شغل الرأي العام المحلي، وهو ما يمكن استنتاجه من تعليق أحد الموقوفين الذي كان يبتسم خلال تقديمه، بعد أن نطق اسما تفاعل معه باقي زملاءه بالضحك، ويتعلق الأمر باسم الثوري الكوبي "تشي غيفارا".
ورغم تضارب الأنباء حول مدى تشدد النيابة العامة بابتدائية البيضاء في تكييف التهم التي ستوجه للمشتبهم بهم، إلا أن التحرك الأمني جاء في توقيت حاسم تحسبا لتحول هؤلاء لمشروع مجرمين في المستقبل، خصوصا أن أحد الموقوفين بدأت تظهر عليه أولى علامات "التشرميل" ذات البعد الجرمي، إذا كان يعلوا وجهه جرح بسكين يغطيه بلاصق طبي.
الإشاعة وحقيقة ولد أكرم
في طريقنا إلى "الدار الحمرا" أثار فضولي نقاش بين سائق سيارة أجرة صغيرة وزبون. فالأول تحدث بنبرة "الفاهم" لما يحدث، غير أن الأرقام التي كشف عنها، بناء على ما التقطه من وسائل الإعلام، فضحت أمره.
"فوق 600 ديال لمشرملين شدوهم من بينهم 150 درية".. بهذه "الإحصائيات" حاول سائق سيارة الأجرة أن يظهر للزبون متابعته للموضوع، قبل أن يسرد حكاية، لم أقتنع بصحتها، أكد فيها تعرض زميل له، في ساعة متأخرة من الليل، للسرقة من طرف فتاتين من أتباع ظاهرة "المشرملين"، بمساعدة منحرف كان يحمل سيفا.
هذه الحكاية، التي تحتمل الصحة أو الكذب، رد عليها الزبون بحكاية تثير الفزع حول ابن عبد الإله أكرم، رئيس الوداد الرياضي، الذي قال بأن لصوصا مدججين بالسيوف اعترضوا سبيله عندما كان يهم بركوب سيارته قرب ملعب محمد الخامس، وسلبوا ما بحوزته وبحوزة فتاتين كانتا برفقته، ثم عمدا بعدها إلى تمزيق إطارات سيارته بسيف ولاذا بعدها بالفرار.
في هذه الأثناء استحضرت تصريحات الأمنيين، الذين أكدوا أن الإشاعة يمكن أن تلبس ثوب الحقيقة مع إضافة بعض البهارات و"لقامة" عليها حتى تصبح "مشرملة" ليسهل أكلها.
ووسط هذه الغابة من المعلومات التي تتاقطر علي قبل أن ألج مقر "الدار الحمرا" انتبهت أن صوت طرفي النقاش بدأ يخفت، فانتابني شعور بأن نقطة مهمة قد أغفلها وأنا منشغل في التفكير لأجد أن الحديث سلك اتجاها لا يمكن التشكيك فيه...
هادشي خارج من الحبس
"راه هادشي خارج من الحبس".. هذا الرأي البسيط يحمل في طياته معطا أعمق. فكل ما جرى تجميعه حول أتباع هذه الظاهرة يؤكد أن فئة من هذا الجيل ترى في "الحباسة" قدوة لهم وتحاول تقليدهم في "قباحتهم" حتى تصنف في الخانة نفسها ويهابها الكبير قبل الصغير، وتحظى بإعجاب "البنات المشرملات"، اللواتي يفضلن "الدراري الحاضرين"، على حد تعبير أتباع الظاهرة.
ورغم أن التقليد يقتصر في بعض الأحيان على قصة الشعر واللباس والتظاهر بالتوفر على مبالغ مالية مهمة، وساعات يدوية فاخرة، إلا أن إشهار الأمن "العين الحمرا" جاء في الوقت المناسب حتى لا يتحول هؤلاء إلى مشروع "مجرمين في المستقبل" قد تصل لائحة ضحاياهم إلى المئات، علما أن التقليد لا يقف عند حدود معينة.
نقطة أخرى لا يجب إغفالها وهي دور السجن، الذي تحول من مؤسسة إصلاحية إلى مؤسسة قد تفرز ظواهر خطيرة تهدد الأمن والاستقرار.