صديقي، تماما مثل السينما،الأسلوب امرأة جميلة هي من تختار بحرية من تحب.تختار خليلها دون أن تختفي وراء جدران النفاق.الأسلوب اختار المختار من زمان ،وهو أمر أزعج كثيرين من زمان أيضا لأنهم يكتشفون في كل مرة غربتهم بمجرد كتابتهم لمقالات عانسة تنقضي صلاحيتها قبل أن تستنزف حبر المطبعة.
صديقي و أخي الذي تقاسمت معه منذ الصغر فرحة الانتماء لهذا الوطن،لأول مرة أكتب كلاما موجها إليك في غياب ابتسامة عهدناها دائمة الحضور بيننا لسنوات.أطلب منك في البدء أن تتذكر "يوسف شاهين"،و أن تتذكر "تيلدا سوينتون" و "الجراري" و "الخطيبي" و كل الآخرين الكبار الذين حيّوا في أعوام ماضية حريتك و قدرتك على البوح بآرائك.حينها، ستتابع بتهكم كبير أشرطة الأفاكين و العدميين و الحساد و ضعاف الشخصية و المنافقين و المفترين.ستقرأ كثيرا مما يكتبونه من فوق لأنك بمجرد أن ترفع الإيقاع قليلا،يُرفع عنهم الفهم و ذنبهم طبعا على جهلهم.ستنتبه إلى تفصيل مقزز و مهم في الآن....ستنتبه إلى أنهم و لربما يوافقونك الرأي و إن أفضوا بعكسه،و ستنتبه أكثر إلى أنهم يقرؤون ما تخطه في اثني عشر شهرا،و إن سارعوا لامتهان كرامتهم بكيل شتيمة و سب بلغنا نصيبنا منها و بسخاء في الأعوام الأخيرة.
صديقي، لأول مرة أيضاً قد تكون أحسست بعدم رغبتي في الكتابة لأن الأمر يعنيك ،و بالتالي فهو يعنيني من قريب جداً.دافعت عن كثير ممن أصابوا و أيضاً على قليل ممن جانبوا الصواب و كانت الكلمات التي تعلمتُها و تعلمتًها في مدرسة عمومية تطاوعني،بل و تطيعني و تترجاني لأرصها. الآن،الأمر يختلف لأن الكلمات تخونني على غير عادتها ،مثلما سبق و خاننا أصدقاء مشتركون.تراجعوا و رفضناهم لأن من يتقن النفاق مرة واحدة بإمكانه أن يستل الريادة من عبد الله بن أبي سلول. من يخرج شريطا فيه دعوة للتصفية الجسدية لمسلم من بني جلدته، الأكيد بأنه يعرف هذا الاسم، لأن غالبية المخرجين من هذه النوعية -و هم و الحمد لله قلائل- اكتفوا و يكتفون بالقراءة التي تصنع التخلف.الآن بعد أن هدأت الأمور و شُرح التحوير الخطير لعبارة ألبستها سوء نية البعض نقيض معناها، تكلمت أصوات معتدلة و ذكرت الجميع بأننا نعيش في بلد لا موقع فيه للغلو في دين سمح.أصوات استنكرت فتاوى مثل سينما بخيلة المضمون و مقنعة في التفاهة لم نعهد لها مثيلا بين ظهرانينا.أخطأوا التقدير -سامحهم الله- بجهلهم لفهمك لدينك و ديني و دين كل المسلمين الذي لا يقبل التطرف ،و نسوا أو تناسوا أن في الاختلاف رحمة.رفيقك،سيرقب بدوره رجع الصدى من عندك.حقا أنتظر،و حقا تأخرت أناملي في خط سطور مساندتك لأني بقيت مذهولا لما سمعته و قرأته من ظلم و إجحاف في حقك.مع ذلك أخبر بأن عالمي الصغير يكبر حينما أريد،و يكبر بحضورك منذ أزيد من خمس عشرة سنة.لو اجتمع كل الإنس على تدنيس هذا العقد،ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا.
مختار،حقاً أنتظر.أنتظر أن تقاوم الرداءات،و أن تجبر نفسك على أن تظل كما أنت....فقط كما أنت.سلامي إليك و سلامي لقلمك الذي يمنحني غروري الواثق قدرة على الجزم بمعرفتي بكيفية خطه لحروف حرة على أوراق تفخر باستضافتك.إن صمتت ،سأصمت.لكن،هل يستحق ما حصل أن يدفعك و يدفعني و يدفع آخرين ليصمتوا؟لا أعتقد..
صديقي
دمت أنت،كما أنت.سينماهم الخبيثة عُرضت و ماتت....يرحمها الله.لك قلم تحسن استخدامه و أنا فخور بك و بمواقفك،و لي قلم أحاول مثل صديقي و أخي أن أروضه كما أرغب حتى في الأوقات العصيبة. عذرا للقارئ،لكن عليّ أن أذكرك فقط بأن هاتفي ينتظر كالعادة اتصالك.. هذا العمود نشر في ركن "رجع الصدى" في مجلة "الآن"