يعيش الحزب القائد للتحالف الحكومي أزمة أخلاقية كبيرة في ملف التدبير السياسي للأغلبية، بعد مغادرة الاستقلال لقطار الحكومة. وفي محاولة من قادة "لامبة"،صقورا وحمائم، تبرير لجوئهم التحالف مع حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي كانوا بالأمس يعتبرونه من أحزاب الدولة العميقة التي تتحرك بالتليكومند، يخرج كل مرة قيادي من حزب البجيدي ليتحفنا بتبريرات هي أقرب إلى الحمق من اي شيء أخر. فالسيد الصقر الأعظم داخل حزب الإخوان، عبد العزيز أفتاتي، قال في تصريحات صحفية :" ان جل الأحزاب راكمت ثروات من العمل السياسي باستثناء البجيدي"، بهذا الاتهام الكبير من أحد قياديي الحزب الذي يترأس الحكومة، يستشف أن افتاتي مطلع على ملفات فساد الأحزاب السياسية عن قرب، ولما لا خاصة أن حزب لامبة يرأس وزارة العدل، ومصطفى الرميد هو رئيس النيابة العامة. خطورة هذا التصريح تتجلى في ان حزب العدالة والتنمية متحالف في أغلبية مع أحزاب يعتبرها فاسدة، تنهب المال العام وراكم قادتها الأموال من تدبيرهم للشأن السياسي. وهذا ان دل على شيء فهو يدل على انه هناك أحزاب تسرق المال العام وحزب يترأس النيابة العامة ويتستر على فساد هؤلاء، وبالتالي فالسيد افتاتي يريد أن يقول في رسالته الى الرأي العام، ان حزب العدالة والتنمية ليس حزب لصوص ولكنه حزب يتستر على اللصوص، وحسب كل القوانين في العالم فهذا السلوك يعتبر عدم التبليغ على جريمة ، والأخطر في كل الجرائم هو عندما يتعلق الأمر بالمال العام وبدافعي الضرائب من شعب فقير لازال الملايين من سكانه يعيشون تحت عتبة الفقر، فهذا يعتبر هو جوهر ولب وأساس توفير الحماية للفساد ورعايته من طرف حزب يترأس الحكومة، ويرفع شعارات وهمية للاستهلاك في وجه كل من انتقده انه من لوبيات الفساد.
التصريح الثاني المثير للشفقة من طرف نفس الزعيم الحزبي، الذي لا يعرف بلع لسانه وأصبح يرسل قذائفه يمينا وشمالا بدون اي مراعاة لشيء اسمه أخلاق سياسية، برر السيد افتاتي لجوء البجيدي للتحالف مع حزب السكور، الذي خلق ليحكم وليس لكي يعارض، انه تقليد للتجربة الاسبانية في الانتقال الديمقراطي. وادعى افتاتي ان اليسار الاسباني لجأ للتحالف مع أنصار فرانكو لكي تنجح المرحلة الانتقالية، والطامة الكبرى في هذا التصريح العجيب هو أن أي دارس بسيط للقانون الدستوري والعلوم السياسية، سيجد الفرق الشاسع بين التجربتين، فاسبانيا انطلقت في انتقال ديمقراطي بملكية برلمانية واضحة وبخارطة طريقة واضحة للمصالحة الوطنية من اجل إشراك جميع القوى الفاعلة في العملية السياسية. وقد غاب على أفتاتي، ان دستور 2011 هو تكريس للملكية التنفيذية، ولازلت سلطات كثيرة في يد القصر، والقرار الكبير في البلد، لا يستشار فيه رئيس الحكومة، ولا حاجة للقصر بنفس مضمون الدستور لتمرير قرارته في السياسة العمومية للبرلمان، كما أن قوى سياسية لها وزنها لازلت تقاطع المؤسسات. فكيف يمكن اعتبار اننا نعيش التجربة الاسبانية مع انتفاء كل شروط تلك التجربة في المغرب. المهم على ما يبدو فإن رغم ادعاء حزب البجيدي انه حامي الهوية والاخلاق، فمن خلال متابعة تصريحات قيادته فان الحزب أوصل العمل السياسي الى الدرجة صفر من الأخلاق، فقط لتبرير بقائه في كرسي الحكم المريح.