البوليس المغربي مصاب بمرض الشيزوفرينيا، ففي التراب الممتد من شمال الطاح إلى طنجة يذبح جهاز الأمن الناس ويسلخهم، بينما في التراب الممتد من جنوب الطاح إلى حدود لكويرة يُذبح (بضم الياء) البوليس ويُسلخ من طرف الناس. أي أن القاموس الأمني عندنا لا يعرف إلا الذبح، وهذا ما يكشف الفقر المهني لدى جهاز الأمن ببلادنا. وهو الأمر الذي طالما نبهنا إليه. على اعتبار أن التأخر في الحسم في احترافية الأمن لا يساعد على جعل الناس تحس بالأمن والاطمئنان. ففي العديد من الدول نجد نزعات انفصالية (مثلا إسبانيا مع الباسك، وفرنسا مع الكورس، وبريطانيا مع إيرلندا، وبلجيكا مع الفلاماند، إلخ...)، إلا أن احترافية البوليس تجعل التعامل مع كل ما يمس الممتلكات والأرواح خاضعا للقواعد المهنية الاحترافية. فأمريكا التي قامت بغزو العراق وأفغانستان، وجندت فيالق بالآلاف من الجنود، لم تقم سوى باعتقال بضع مئات من الأفغانيين والعراقيين؛ وفرنسا التي اقتحمت مالي لم تعتقل سوى أفراد قلائل؛ بينما في الدارالبيضاء لما وقعت مواجهات بين جماهير الجيش الملكي والرجاء البيضاوي تم اعتقال 250 شابا وقاصرا، معظمهم ما زال يافعا يتابع دراسته بالثانوي! مما جعل الأوساط الحقوقية تتساءل عن سر هذا الارتفاع المهول في عدد المعتقلين الشباب. على اعتبار أن هذا الارتفاع يوحي وكأن جهاز الأمن عندنا خرج للتو من «غزوة بدر» أو «غزوة أحد»! والحال أن «طرشة أبوية» كانت ستفي بالغرض لردع المئات من المشجعين الفتيان وجعل المحكمة لا تركز سوى على المتورطين الحقيقيين والهوليغانز الفعليين في الاعتداء على الممتلكات، وليس بحمل «حب وتبن» إلى الحبيس واعتقال كل شاب يقل عمره عن 20 سنة بدعوى أنه مشاغب، مع ما يترتب عن ذلك من إرهاق أسر وتوريطهم في متاهات الدفاع عن أبنائهم الأطفال. والتأسيس ل «سنوات رصاص جديدة».