حزب العدالة والتنمية هو الحزب الحاكم اليوم، هذا ما يعرفه المغاربة لأنهم هم من اختاروه لينفذ وعوده لهم خلال الحملة الانتخابية الأخيرة بعد اعوام من المعارضة داخل البرلمان. لكن على ما يبدو فإن برلمانيي الحزب ووزرائه و مسئوليه القطاعيين لم يفهموا بعد هذا الواقع ولم يقتنعوا بعد بأنهم هم من يحكمون اليوم وهم من يحددون السياسات ويطبقونها مع حلفائهم، فما زالوا على حالهم وكأنهم يطبقون المثل المغربي الشهير "الله يخلينا فصباغتنا"، فأصبحوا يمارسون المعارضة داخل الحكومة التي يسيرونها. السيد لحسن الداودي وزير التعليم العالي يفجر قنبلة كل أسبوع ويكيل بالاتهامات للوزير السابق، دون أن يكلف نفسه عناء إحالة هذه الملفات إلى القضاء لنرى إن كان صادقاً أم مدعياً. لم نرى من السيد الوزير إلى حد الساعة غير اتهامات بفساد الوزير السابق وإهداره للمال العام في كل الاتجاهات ، دون أن يقدم السيد الداودي أدنى دليل على ادعاءاته ودون أن يحرك أي مسطرة قانونية لمحاسبة من يسميهم بالمفسدين . أي أن سعادة الوزير ما زال يعيش دور الأستاذ الجامعي البرلماني المنتفض داخل القبة، وهذا أسهل اختيار يمكن اللجوء إليه عندما تغيب الرؤية والبرامج. فالكلام سهل ويتقنه الجميع، لكن الأفعال صعبة وتتطلب الجرأة والإرادة في التغيير والمحاسبة، وهذا ما لم يتوفر بعد عند السيد وزير التعليم العالي.
ما زلنا ننتظر استراتيجية السيد الداودي لتطوير الجامعة المغربية وبرامجه لتوفير السكن الجامعي اللائق والآمن لكل الطلبة، ما زلنا ننتظر خطته لتطوير البحث العلمي ومواكبة وزارته لمشروع الجهوية الموسعة. لم يقدم السيد الوزير بعد أي رؤية للنهوض بالرياضة الجامعية، ولم يطلعنا بعد على ما ينوي فعله لملائمة برامج الجامعات مع متطلبات سوق الشغل. ما زلنا ننتظر نتيجة التحقيق في وفاة الطالبين المهندسين بجامعة المحمدية ومصير طلبة المعهد الذي اشتغل بدون رخصة لسنوات بالرباط. ما زلنا ننتظر الكثير من الأمور التي استبدلها الوزير بسياسة الهروب إلى الأمام ورفع شعارات حملة انتخابية سابقة لأوانها.
البرلماني بوانو من حزب العدالة والتنمية بدوره ما زال يمارس المعارضة وقال لرئيس حكومته "سيرو غير نتوما للحكومة أن بعد غادي نبقى فالمعارضة". فالسيد هدد المغاربة بإنزال انصاره إلى الشارع إذا تم سحب دفاتر تحملات صديقه الخلفي، ثم بعد ذلك ابتلع لسانه ولم يفي بوعده. لكن البرلماني المثير للجدل لم يكتفي بذلك فقرر ممارسة المعارضة ضد حكومة حزبه واتهم الولاة والعمل بالفساد، و المثير في الأمر هو أن رئيس حكومة حزبه ووزير داخليتها هم من اقترحوا هؤلاء الولاة والعمال على الملك !! "لي فهم يفهمنا معاه" !!
مسك الختام مع السيد مصطفى بابا الكاتب العام لشبيبة العدالة والتنمية الذي انتفض بعد خروج النقابات والأحزاب ضد حكومة حزبه في مسيرة "الكرامة أولاً". السيد الكاتب العام "خدا راحتو" ونعت من نزلوا للشارع بكل النعوت على صفحته على الفايسبوك. سأترك لكم التعليق على كلماته : " مسيرة لا لون ولا طعم ولا رائحة لها
أتحدث طبعاً عن مسيرة البيضاء المسماة (الكرام) المسيرة حضر فيها الأعداء .. المختلفون إيديولوجيا وفكريا وسياسيا ونقابيا .. وحضر المنافقون .. الذين عرفناهم في لون وهم اليوم في لون وغداً سنراهم بشكل ولون آخر .. حضر الانتهازيون الذين يتاجرون في القيم والمبادئ والشعارات .. حضر الذين باعوا المغرب و فوتوا خيراته .. وسَمَوهُ خوصصة .. حضر الذين حاربوا الشغيلة العاملة ولم يقدموا لها شيئا يذكر .. بعد أن قضوا زمنا في وزارة التشغيل ..
حضره وزراء فاشلون .. حكموا لمدد طويلة .. دون أن يقدموا أي شيء للوطن .. حضر وزير التشغيل السابق .. ووزير المالية السابق .. ووزير التعليم السابق .. ووزير العدل السابق .. ووزير الثقافة السابق .. ووزير الجالية السابق .. ووزير التجارة والصناعة السابق .. ووزير التضامن والأسرة السابق .. حضرت النقابات التي صمتت دهرا .. لتنطق اليوم ..
حضر المستبدون الذين عمروا في النقابات والأحزاب ولا يريدون مفارقتها ولا مفارقة الرضاعة التي يمتصون حليبها .. فإذا لم تستحيوا فاصنعوا ما شئتم كون كنت بلاصتكم كون استقلت " ايوا كي جاتكم ديمقراطية العدالة والتنمية ؟