نزع عبد العزيز الرباح، وزير التجهيز والنقل، عن الاتحاديين حق الحديث عن الفساد ومساءلة الحكومة التي يقودها العدالة والتنمية عن محاربته. مبرر ذلك حسب ما جاء في كلام الوزير أن ملفات الفساد المعروضة اليوم على القضاء في المكتب الوطني للمطارات وبنك السياش تورط اتحاديين هما عبد الحنين بنعلو، مدير المكتب، وخالد عليوة، المدير السابق للبنك. الرباح قال في كلمته خلال اجتماع لجنة البنيات التحتية والقطاعات الإنتاجية بمجلس النواب، صباح أمس الأربعاء، ما معناه "هاد الهيئات التي كانت في التسيير منذ حكومة التناوب عندها ملفات فالمكتب الوطني للمطارات وبنك السياش. هي اللي عندها المفسدين وتزايد علينا بالإصلاح".
مصدر "كود" أوضح أن وزير التجهيز والنقل فاجأ الحاضرين بهجوم عنيف على الاتحاد الاشتراكي حين اتهمه بالمسؤولية عن توزيع أراضي الدولة حينما كان فتح الله ولعلو وزيرا للمالية. كما وصف المعارضة التي يمارسها الحزب ضد حكومة العدالة والتنمية ب"التشويش" و"مقاومة الإًصلاح".
هجوم الرباح على الاتحاديين جاء عقب انتقادات وجهتها حسناء أبو زيد، عضوة الفريق الاشتراكي، لما قدمه الوزير في عرضه المتعلق بمحاربة الريع. أبو زيد لاحظت على الرباح كونه جاء ب"إجراءات تقنية كان أعدها وزير التجهيز والنقل السابق". معتبرة أن "الكشف عن لوائح المستفيدين من رخص النقل كان خطوة جد هامة، لكن لا يجب أن يعتبر عنوانا ومدخلا لمحاربة الريع، خاصة بعد خفوت هذه المبادرة وتصريح رئيس الحكومة أمام النواب البرلمانيين عن عجزه على محاربة الريع" كما أوضحت ل"كود".
عبد الإله بنكيران، كان أكد في أول جلسة يحضر فيها إلى البرلمان قبل بضعة أيام، تراجعه عن وعود كشف لوائح المستفيدين من "الكريمات". حين قال إن الريع "طريقة في الحكم" وإنه واجه معارضة للكشف عن تلك اللوائح "حتى من داخل أغلبيته". كما أكد أنه لن ينزع "الكريمات" التي كشف عنها، وأن أمله أن "يخضع أصحابها للقانون". بل عبر عن رغبته في مساعدة فنانين محتاجين مثل عبد الرؤوف، مثلما استفاج فنانون آخرون من "كريمات" النقل. ما يتناقض مع تصريحاته التي أكد فيها أن حكومته ستكشف كل لوائح "الكريمات" بمختلف أنواعها، غداة كشف "كريمات" النقل، بتزامن مع صدور كتاب "الملك المستحوذ" مطلع مارس الماضي.
حسناء أبو زيد ردت على الرباح قائلة "عليكم أن تحترموا الحزب الذي لم يتدخل في القضاء لإبرام صفقات سياسية". معتبرة أن تصريح الرباح حول قضيتين معروضتين على القضاء، وهو وزير في حكومة ينتمي فيها وزير العدل لنفس حزبه، "موقف غير محايد" و"تدخل في القضاء".
أما رئيس اللجنة فتدخل محاولا إعادة الهدوء للقاعة، موجها سؤالا لوزير التجهيز والنقل "نريد منكم أن تحددوا معنى التشويش ومعنى المعارضة، حتى نفهم المعارضة التي تريدون". الاتحاد الاشتراكي لم يتخذ أي موقف رسمي يفيد التدخل للدفاع عن عبد الحنين بنعلو، المدان بتبذير المال العام حين كان يسير المكتب الوطني للمطارات، وخالد عليوة، المتهم بتبذير المال العام حين كان يسير بنك القرض العقاري والسياحي. علما أن الصحافة المقربة من العدالة والتنمية ألحت على ربط التهم الموجهة لخالد عليوة بانتمائه لحزب الاتحاد الاشتراكي.
بالمقابل خاض حزب العدالة والتنمية معركة سياسية نزل فيها قياديوه إلى الشارع حينما اعتقل جامع المعتصم، على خلفية اتهامه بخرق القانون لما كان عضوا في مجلس مدينة سلا. الضغوط السياسية التي مارسها عبد الإله بنكيران ومصطفى الرميد وكافة أعضاء العدالة والتنمية أتت أكلها بالإفراج عن معتصم وتعيينه في اليوم الموالي عضوا بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، غداة المسيرات الأولى لحركة 20 فبراير.
الغريب في الأمر أن جامع المعتصم أصبح مديرا لديوان رئيس الحكومة، دون أن يعرف مصير القضية التي كان يتابع فيها، ومصير المتهمين الآخرين خاصة الحركي إدريس السنتيسي والتجمعي نور الدين لزرق، الرئيسين السابقين لمجلس مدينة سلا، الذين اتهم كلاهما الآخر بالفساد. نفس الشيء حدث سنة 2009 حين نزل حزب العدالة والتنمية بكل ثقله ليدافع عن أبو بكر بلكورة، رئيس جماعة مكناس، حين كان متابعا بتهم سوء التدبير.
أما حكومة التناوب التي اتهم الرباح الاتحاديين بالمسؤولية عن الفساد لما كانوا يقودونها، فكانت أول من فتح ملفات نهب المال العام في مؤسسات من ضمنها بنك القرض العقاري والسياحي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، في وقت كان فيه حزب العدالة والتنمية يعارض هاته الحكومة، ولا يصوت إلا على ميزانية وزارة الأوقاف التي كان يسيرها عبد الكبير العلوي المدغري صاحب كتاب "الحكومة الملتحية".