لماذا التضامن مع والي أمن الرباط؟ يجب أن نذكر أن أهم مطلب من مطالب حركة 20 فبراير، التي ننتمي إليها، هو إقامة دولة الحق والقانون, نحن نؤمن بدولة يستفيد فيها الجميع من حقوقه وليس فئة دون أخرى. هذا هو المنطلق المبدئي لمبادرتنا بالتضامن مع مصطفى مفيد، والي أمن الرباط، رغم ما عانيناه من طرفه من قمع. بالنسبة لنا يتعلق الأمر بمواطن مغربي "ولد الشعب" تعرض للظلم والحكرة من طرف شخصين ينتميان إلى عائلات مخزنية نافذة، ونحن نعرف جيدا معنى الحكرة، لذلك كان لا بد من التضامن معه. على الأقل نحن نملك القدرة على التعبير والاستنكار والتظاهر ضد هذه الممارسات أما هو فلم يستطع رغم منصبه حتى التمتع بحقه في متابعة المعتدين عليه.
يعني أن مبادرتكم جدية وليست للسخرية كما يفهم من التسمية التي اخترتموها لأنفسكم "عدميو الرباط"؟ طبعا، مبادرة جدية جدا ولا تتضمن أية سخرية. نحن لم نكن يوما ضد الشرطة، على العكس تماما نؤمن بدورها في حمايتنا وفي تطبيق القانون. مشكلتنا ليست مع الشرطة، التي تقمعنا، بل مع المنطق المخزني الاعتباطي الذي يؤمن بفكرة واحدة تقسم الشعب إلى فئتين، فئة فوق القانون ويمثلها المخزن والمرتبطون به والفئة الباقية تحت القانون معرضة لنزوات المخزن وسورياليته. نريد دولة يسود فيها القانون فوق الجميع. نريد إصلاح جهاز الشرطة بما يجعله خاضعا للقانون ومبادئ حقوق الإنسان ويوفر الحماية لأفراده من نزوات النافذين وأبناء العائلات المخزنية. حينما يغني الحاقد مطالبا بإصلاح جهاز الشرطة، فهو إنما يمارس مواطنته إلى أبعد الحدود، لكن النتيجة أنه يعتقل ويسجن بتهمة الإساءة للشرطة. في حين استطاع علي الكتاني وإدريس الكتاني أن يفلتا من العقاب رغم أنهما اعتديا على والي أمن العاصمة! من يهين الشرطة إذن؟ هل الحاقد أم الكتاني والناصري؟
لماذا سميتم أنفسكم ب"العدميين"؟ إنها تقنية من تقنيات التشويق (teasing). أردنا أن تكون هذه العملية سرية وتوخينا الحذر تجنبا للمخترقين الموجودين داخل حركة 20 فبراير وتفاديا لأن يصل الخبر إلى الشرطة التي تراقب هواتفنا ومراسلاتنا الالكترونية. كما أردنا أن تكون هذه الوقفة نوعية بعدد قليل نسيبا من المشاركين. كان هناك نقاش منذ نشر خبر الاعتداء على والي الأمن وإفلات المعتدين من العقاب، ظهرت مجموتة من الأفكار، واتفقنا في النهاية على تنفيذ فكرة التضامن عن طريق وقفة أمام مقر ولاية الأمن بالعاصمة.
ما هي الشعارات التي رفعت خلال الوقفة؟ كانت هناك لافتات بالعربية والفرنسية والانجليزية تتضمن شعارات من قبيل "شباب عشرين فبراير مع الشرطة ضد حكرة المخزن ومع مفيد ضد الكتاني والناصري"، "مفيد ماشي وحدو المخزن اللي حكرو"، "يا بوليسي يا ضحية عيق فيق بالقضية"...
كيف كان رد فعل رجال الأمن؟ أول شيء قام به رجال الأمن هو استهداف المتظاهر الذي كان يصور الوقفة. لحسن الحظ أن هذا الشاب تمكن من الفرار رغم مطاردة الشرطة، نحن ممنوعون من الإعلام العمومي والخاص ومهمشون بشكل ممنهج من قبل الصحافة المكتوبة، لذلك نعول بشكل تام على الأنترنت للإعلام والتواصل. الأنترنت هو فضاؤنا الإعلامي الوحيد. لا حظنا أن أحد رجال الأمن خرج ليستطلع مضمون الوقفة، وعلمنا في ما بعد أن بعض زملائه ضحكوا لما أخبرهم أننا جئنا لنتضامن مع رئيسهم. لكن ذلك لم يمنعهم من مطاردتنا وتفريق الوقفة بالعنف، فتم اعتقال عبد الله أبلاغ وياسين بزاز. مع ذلك أكرر أننا لسنا ضد الشرطة رغم اعتدائها علينا، بقدر ما نحن ضد الإفلات من العقاب ومع دولة الحق والقانون التي تضمن محاكمة الشخصين الذين اعتديا على والي الأمن.