قبل أيام اختطفت سمية بنخلدون النائبة البرلمانية السابقة عن حزب العدالة والتنمية قطارا، واضطرته إلى الوقوف بمحطة تمارة، محتجزة الركاب رهائن لها، تماما مثلما كان يحصل في أفلام الويسترن، والغريب أنها لم تكن تحمل حبلا ولا مسدسا، ولم يكن وزيرها الشوباني ينتظرها ممتطيا جواده وجارا خلفه مهرة سمية، ومع ذلك فقد نجحت في مهمتها وأثبتت بالفعل أن نساء العدالة والتنمية لسن كما يظن خصومهن. بل هن قادرات على الإتيان بأفعال ومغامرات كانت في وقت سابق حكرا على الرجال، ولا أعتقد أن أحدا سبقها في هذا المجال إلا المناضلة الفلسطينية ليلى خالد، والتي اشتهرت بخطف الطائرات وهي تحلق في السماء، والفرق بين ما كان يحصل في الماضي وما أنجزته سمية بن خلدون الآن، هو أن الطائرات كانت تضطر إلى النزول في قبرص أو أثينا أو عمان ليطالب المختطفون بفدية وبتحرير أسرى، بينما تقف القطارات اليوم في تمارة، من أجل أن تذهب الفدائية الإسلامية المغربية إلى عملها ولا تتأخر عن أداء واجبها. ولكي لا يبقى اختطاف الطائرات مقترنا باليساريين والعلمانيين الفلسطينيين وبالنساء السافرات، فقد قرر النائب البرلماني عبد العزيز أفتاتي دعم أخته في الحزب، واختطف من أجلها طائرة مصرية وهدد طاقمها وركابها الذين كانوا يشاهدون فيلما يتضمن قبلا ومشاهد ساخنة، بالنزول الاضطراري في أقرب مطار، إن لم يغيروا الفيلم في الحال، ويعرضوا بدله شريطا لمحمد العسلي أو الرسالة أو أي فيديو ساخر للفنان الملتزم الشيخ النهاري.
ولو لم يذعن ربان الطائرة ويوقف الفيلم الساخن لحدث ما لا يحمد عقباه، فالمصريون لايعرفون أفتاتي حق المعرفة، لأن الرجل حينما يغضب لا يقدر أحد على كبح جماحه، ويظهر أنهم تحروا في الأمر وسألوا عنه، ولو لم يفعلوا ذلك ويغلبوا العقل، لكنا سمعنا عن تفجر طائرة في السماء، ونجاة أفتاتي والوفد المرافق له، وسقوطهم بالمظلات في وجدة، فقراصنة الجو، يستعدون عادة لعملياتهم، ويعدون العدة لها، ورغم أنهم إسلاميون، فهم لا يتبنون العمليات الانتحارية، كما يفعل زملاء لهم، ويفكرون دائما في النجاة بجلدهم والعودة إلى عملهم في البرلمان وإلى حكومتهم التي تحتاج إلى دعمهم، بعد كل عملية وقرصنة يقومون بها. المغرضون والمشوشون يتبعون العدالة والتنمية حتى في الطائرات، وقد ثبت اليوم أنهم موجودون في البر، وحادثة القطار شاهدة على ذلك، وفي الجو أيضا، بعد أن ألقى عليهم أفتاتي القبض بالجرم المشهود، وهذا دليل على أن حزب العدالة والتنمية يعمل ويغير ويحارب الفساد أينما كان، ولولا أن بواخر سمير عبد المولى تعاني هذه الأيام ويحتلها عمال وبحارة يحركهم أعداء التغيير والإصلاح، ولولا أن سمير متابع قضائيا وتابع لحزب القراصنة، لارتدى أفتاتي ملابس السباحة واختطف كل البواخر، متفوقا على أقرانه في الصومال، دون حاجة إلى فقء عينه وحمل عكاز كما كان يفعل القرصان جون سيلفر في جزيرة الكنز.
لم يكن أحد يعتقد في الحقيقة أن حزب العدالة والتنمية يضم في صفوفه كل هؤلاء القراصنة، الذين فجروا مواهبهم بمجرد صعودهم إلى السلطة، وصاروا يعتقدون أنهم يحكمون في البر والجو والأرض، وأن كل ما يطير ويسير على عجلات وكل ما يسبح في الماء هو ملك لهم ولحزبهم، وسنتوقع يوما أن يحتجزوا ركاب حافلة في فاس ويخيروا شباط بين تقديم فدية و العدول عن التعديل الحكومي أو أخذهم كرهائن، أو أن يختطفوا ترام الرباط مشهرين مسدسا في وجه السائق ومطالبينه بتغيير الاتجاه ليذهب بأفتاتي إلى مدينة وجدة.
قبل سنوات ظهر في أوربا حزب القراصنة، ويبدو أن فرعه في المغرب هو العدالة والتنمية وزعيمه المحلي هو بنكيران، رغم أن ذلك الحزب لم يثبت عنه يوما أنه اختطف أي وسيلة نقل، كما يفعل الإسلاميون المغاربة هذه الأيام، لذلك يتوجب على المغاربة الحذر وهم يركبون في الحافلات والطائرات والقطارات وسيارات الأجرة، وأنصحهم أن يفروا بجلدهم ويكسروا نوافذ النجاة بالمطارق الموضوعة أعلاها، كلما شاهدوا نائبا أو وزيرا ينتمي إلى هذا الحزب، وبما أنهم يحكموننا، ولهم السلطة، فيجب أن نحتاط ونلتزم الحذر، ونلبس دائما طوق نجاة، فلا أحد يعلم متى يهجم القراصنة وأي وسيلة نقل يخططون لاستهدافها في المقبل من الأيام، بعد أن ملكوا الأرض والجو والبحر، وصار لهم إخوة في مصر وليبيا وتونس والصومال.