من أهم اللحظات القوية في خطاب بنكيران أمام أعضاء المجلس الوطني الملتئم نهاية الأسبوع الماضي، والتي مزج فيها بكثافة بين الغيبي والبرغماتي في ملامسته للوضع السياسي العام بالبلاد، نصح مناضليه بالابتعاد عما ينشر في المواقع من سيناربوهات، مؤكدا بالحرف أن "كلشي بيد الله". هنا الأمر طبيعي جدا، إلا أن المثير في كلام بنكيران ما قاله بعد ذلك "من الممكن أن تصبح رئيسا للحكومة وأنت نائم أو جالس في منزلك". قفشات بنكيران أضحت أسلوب الرجل في ممارسة السياسة، بل صار مستهلكوها ينظرون إليها جزءا لا يتجزأ من شخصية الرجل المثير للجدل والتي تحيطه بهالة من "الإعجاب" لدى مريديه داخل الحزب وخارجه في زمن سياسي أغبر بكل المقاييس، تراجع فيه صوت الحكمة لفائدة الشعبويين الجدد. صراحة بنكيران الموجعة بخصوص إلغاء صندوق المقاصة، ستجعله عدوا للفئات الوسطى في وقت يريد فيه أن يكون داعما للفئات الفقيرة، دون أن ينتبه إلى أنه سيساهم في توسيع رقعة الفقراء، أو كما قال الباحث الاقتصادي سعيد السعدي "بلترة الطبقة الوسطى" من البروليتاريا طبعا علما أن الفئات الوسطى صمام أمان الأنظمة، إن هي سقطت سقطت بدورها، فهل سيؤدي العدالة والتنمية الثمن باهضا عبر الإجراءات اللاشعبية التي يسير نحو اتخاذها؟، علما أن بنكيران يعلم جيدا أنه لن يظل أمينا عاما لحزبه عند مغادرته للحكومة، وقد لا ينسى المخزن الثمن الذي قدمه زعيم الإسلاميين له خلال هذه المرحلة الصعبة علما أن النتائج قد تكون معاكسة تماما لما هو متوقع، وبنكيران نفسه لا يؤمن بالسيانريوهات في السياسة.