شرعت العديد من شركات الإنتاج السمعي البصري في خطب ود قناة ميدي 1 تي.في مباشرة بعد نشر الحكومة لدفاتر تحملات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والقناة الثانية بالجريدة الرسمية بداية هذا الأسبوع. ويكمن سبب هذه الهجرة الإنتاجية نحو طنجة في ما فرضته هذه الدفاتر على القناتين من التزامات جديدة تنظم علاقتها بشركات الإنتاج خصوصا في الباب المتعلق بالحكامة، مثل اعتماد طلبات العروض في قبول الإنتاجات الخارجية وبالتالي القطع مع سياسة "الشباك الوحيد" المودع لدى مديرية الإنتاج والبرمجة وإحداث لجنة استشارية لأخلاقيات البرامج ولجنة أخرى لانتقاء البرامج تضم شخصيات من خارج القلعة الحصينة للتلفزيون. وهي الإجراءات التي من شأنها أن تعيد رسم الخارطة الإنتاجية للقناتين على اعتبار أن العديد من الشركات كانت تستفيد من كعكة التلفزيون بطريقة مباشرة دون مرورها من كل هذه المساطر التي قد تضعف حظوظها مستقبلا في الحفاظ على نفس حصتها من الكعكة.
أما ميدي 1 تي.في فلازالت تتمتع بمبادراتها الحرة والاختيارية في التعامل مع من تشاء من شركات الإنتاج وبعقود مباشرة بين إدارتها وهذه الشركات على اعتبار أن دفتر تحملاتها الذي نسج على مقاسها من طرف حكومة عباس الفاسي عندما كان التقدمي خالد الناصر وزيرا للاتصال، لازال ساري المفعول إلى غاية نهاية سنة 2013 وبالتالي تتوفر شركات الإنتاج على مدة سنة إضافية بهذه القناة لتستفيد من كعكتها قبل أن تصلها هي الأخرى أضواء "الحكامة الحكومية" على اعتبار أنها قناة عمومية، وبالتالي تنتظر وزير الاتصال ورئيسه بنكيران معركة جديدة مع دفاتر ميدي 1 تي. في السنة المقبلة.
ومن المنتظر أن تكون معركة الحكومة مع هذه القناة الطنجاوية عند تنزيل دفاتر تحملاتها أشد وقعا من معركة هذه السنة مع القطب العمومي، وذلك لاعتبارين، أولا طبيعة العلاقات التي تربط مديرها العام عباس العزوزي مع محيط منير الماجيدي على اعتبار أنه مدير التسويق والاتصال لمؤسسة مغرب الثقافات المنظمة لمهرجان موازين، ثانيا الاستفهامات الكثيرة التي ظلت تحيط بمسار هذه القناة منذ نشأتها كقناة مغربية فرنسية قبل أن تتم مغربتها كليا وفي مرحلة ثالثة تأميمها ثم في مرحلة رابعة حصولها على البث الأرضي. دون أن يرافق كل هذه التحولات أي نقاش عمومي حول طريقة تدبير ماليتها كما يحدث صباح مساء مع قناتي دار لبريهي وعين السبع، علما أنها مالية في أكثر من ثلثيها مالية عمومية عن طريق صندوق الإيداع والتدبير، مما يفرض أن تصلها هي الأخرى رياح الحكامة وتنظيم علاقتها بشركات الإنتاج الخارجية. أما إذا ما اختارت الحكومة مهادنة هذه القناة في دفاتر تحملاتها السنة المقبلة، فإن بنكيران سيظهر بمظهر من يكيل بمكيالين، بتشدده مع قنوات عمومية ومهادنته لأخرى، علما أن الخلفي لا يخفي إعجابه بهذه القناة الطنجاوية، كما سبق أن أظهر ذلك في برنامج "90 دقيقة للإقناع" الذي تبثه نفس القناة عندما حل ضيفا عليها شهر فبراير الماضي، وحاوره أنذاك في ما يشبه "مكر الأقدار" المنتج معاذ غاندي.