كشفت الحكومة، أخيرا، الفرضيات والأهداف التي تؤطر مشروع قانون المالية للسنة المقبلة. ويتضح من خلال المعطيات التي بني عليها المشروع أن الحكومة الحالية تسير على نهج ما كانت تنقده في سابقاتها، إذ تعد مشروع ميزانياتها بناء على فرضيات غير واقعية، علما أن حزب العدالة والتنمية كان ينتقد هذه المقاربة ويعتبرها تمويها وكذبا على الرأي العام لإخفاء الاختلالات المالية التي تعانيها الميزانية. في هذا الإطار، يتوقع المشروع أن لا يتعدى سعر برميل النفط حدود 105 دولارات، في حين أن السعر الحالي يتجاوز 115 دولارا، ولا يوجد حتى الآن ما يدعم فرضية تراجع أسعار المحروقات، بل، عكس ذلك، فالمؤسسات المالية والاقتصادية الدولية، خاصة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، توقعت، خلال يونيو الماضي، أن يعرف الاقتصاد العالمي بعض التحسن، بفعل الإصلاحات التي اعتمدتها الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد الأوربي، خاصة في ما يتعلق بالديون السيادية، ما اعتبرته هذه المؤسسات مؤشرا إيجابيا، يمكن أن ينعكس إيجابا على الاستثمارات، ما سيساهم في رفع الطلب على النفط.
وبالفعل، سجلت أسعار النفط، بناء على هذه التوقعات، ارتفاعا، إذ انتقلت، ما بين يونيو وشتنبر الماضيين، من 90 إلى 118 دولارا للبرميل، أي بزيادة بلغت 28 دولارا للبرميل، خلال هذه الفترة. فما الذي يجعل الحكومة، رغم كل ذلك، تصر على تحديد سعر برميل النفط في حدود 105 دولارات خلال السنة المقبلة؟ الجواب بكل بساطة أنها لو توقعت سعرا أعلى من ذلك، فإن مستوى النفقات العمومية سيرتفع، ما سيؤدي إلى تفاقم عجز الميزانية، علما أن زيادة بدولار واحد في سعر النفط تمثل زيادة بقيمة 600 مليون درهم في نفقات المقاصة.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار الفارق بين السعر الذي تتوقعه الحكومة في مشروع قانون المالية (105 دولارات) والسعر الحقيقي لبرميل النفط في الأسواق الدولية حاليا (115 دولارا)، فإن نفقات المقاصة سترتفع بما يعادل 6 ملايير درهم، وبذلك سيكون عجز الميزانية أعلى من المستوى الذي حددته الحكومة، التي تتوقع أن لا يتعدى 4.8 في المائة، خلال السنة المقبلة.
وهكذا، فإن الحكومة تعتمد فرضيات لا تمت إلى الواقع بصلة، من أجل إخفاء اختلالات التوازنات المالية التي تعانيها الميزانية، اللهم إلا إذا كانت تعتزم إقرار زيادات أخرى في أسعار المحروقات، إذا حافظت، خلال 2013، على مستواها الحالي في الأسواق الدولية.
وفي تناقض صارخ مع خطابات عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة والأمين العام للعدالة والتنمية، حول محاربة الفساد وحماية المال العام من التبديد، أقدم الحزب الأغلبي، في استغلال فاضح لموقعه في الأجهزة المسيرة لمجلس جهة طنجةتطوان، على تمويل أنشطته من المال العام، ذلك أن مجلس الجهة تكفل بمصاريف إقامة ضيوف الملتقى الوطني الثامن لشبيبة العدالة والتنمية التي احتضنتها مدينة طنجة في الفترة الممتدة من 26 غشت إلى فاتح شتنبر المنصرم. فحسب الوثائق التي حصلت عليها جريدة الإتحاد الإشتراكي، فإن ضيوف البيجيدي حلوا بأحد أفخم المؤسسات الفندقية بالمدينة «هوسا سولازور»، ويتعلق الأمر على الخصوص بعبد المنعم أبو الفتوح، عزام التميمي، محمد فاتح الراوي، والشيخ كمال الخطيب، حيث أقاموا بطنجة طيلة أيام الملتقى، وقاموا بتأطير فقراته وأنشطته التي تدخل في صميم العمل الحزبي والدعوي لحزب المصباح. وفي اتصال لذات الجريدة بأحد المسؤولين بمجلس الجهة، أكد لها صحة واقعة تمويل نشاط حزب العدالة والتنمية من مالية الجهة، وأن ذلك جاء بناء على تدخل من أحد نواب الرئيس المنتمي للبيجيدي. وللمفارقة فإن نجيب بوليف، وزير الحكامة، يعتبر من بين أعضاء فريق العدالة والتنمية بمجلس جهة طنجةتطوان، ولا ندري إن كان بوليف يعتبر تمويل أنشطة حزبه من المال العام يدخل في باب تنزيل شعار الحكامة الجيدة، أم أنه سيطالب بفتح تحقيق حول هاته النازلة التي تفضح بالملموس استغلال النفوذ وتوظيف المال العام لخدمة الأهداف السياسية لحزب يعتبر هو أحد أبرز قيادييه؟. و الذي روج خلال حملاته الانتخابية ان محاربة الفساد من شأنها الرفع من نسبة النمو ب2٪
وتكشف هاته الفضيحة عن زيف الادعاآت التي ما فتئ، عبد الإله بنكيران، رئيس الحزب، يتشدق بها في خطاباته حول الشفافية والنزاهة وحماية المال العام، وتعري بالمقابل الوجه الحقيقي لحزب يوظف المال العام لتمويل أنشطته. لقد أكدت هاته الواقعة أن حزب بنكيران لا يتورع عن كيل الاتهامات لخصومه السياسيين وإشهار ملفات الفساد التي يشتبه تورطهم فيها، في حين لا يجد أدنى حرج في استغلال أموال المؤسسات العمومية لخدمة أجندته السياسية الرامية إلى تركيز نفوذه وبسط سيطرته على مفاصل الدولة والمجتمع، مما يستدعي معه الأمر فتح تحقيق لكشف ملابسات هاته الفضيحة
ما وقع بطنجة يعتبر مؤشرا خطيرا يكشف بالملموس حقيقة التصور الذي يمتلكه الحزب الأغلبي عن المهام الجديدة التي ينبغي أن تتكفل بها مؤسسات الدولة، إذ يسعى بشتى الوسائل إلى أن تكون في المقام الأول والأخير رهن إشارة الحزب وفي خدمة طموحاته الهيمنية، وهو ما يفسر الإصرار الغريب الذي عبر عنه رئيس الحكومة لبسط نفوذه على مضامين المرسوم التطبيقي لقانون تعيين المسؤولين في المناصب العليا وبمختلف المؤسسات العمومية حتى يسهل عليه التحكم في دواليبها ووضعها في خدمة حزبه وتنظيماته الموازية.
أما محاربة الفساد فكان دائما شعارا لحملاتكم الإنتخابية وبعدما أصبحت رئيسا للحكومة إستسلمت وإستسلم معك حزبك في التصدي له و قلت عفا الله عما سلف بل الأدهى من هذا نريد أن توضح لنا لماذا تم رفض دفع رواتب أعضاء دواوين وزراء العدالة والتنمية من طرف وزارة المالية والخازن العام رغم المرسوم الذي وقعتم الموجه إلى السيد وزير المالية الذي في تحد كبير رفضه ومن خلال المعلومات الي سربت من ملفات أعضاء الدووين المرفوضين من طرف وزارة المالية كونهم خارج القانون بحيث جلهم إستفادوا من المغادرة الطوعية و حسب تصريح للسيد بن سودة الخازن العام فإن المادة 18 من القانون المنظم للمغادرة الطوعية يمنع أي موظف من الإستفادة من أي تعويضات أو يحصل على أي راتب من خزينة الدولة . و في الاخير اهتديتم الى الحسابات الخصوصية من اجل دفع رواتب اعضاء دواوينكم تلك الحسابات التي يستفيد منها أطر وزارة المالية والإدارات التابعة من اجل تشجيع المردودية والتي تطعنون في شرعيتها (حلال عليكم حرام عليهم)
فخلال هذه السنة وفي ميدان الحكامة لم تستطيعوا إلا إنتاج مرسوم تطبيقي واحد وفي المقابل نجد أنكم أنتجتم الكثير من البهرجة والخطب الفضفاضة وإثارة مشاعر الشعب لأجل التغطية على غياب المردودية .وكذلك كان لكم الفضل في خسارة المالية العامة لمبلغ 120 مليار سنتيم لأنكم لم تقرروا شراء الحبوب إلا عندما إرتفع سعره عالميا وفي نفس الآن أصدرتم قرارا بموجبه يتم إعفاء المستوردين للحبوب إبتد اء من فاتح أكتوبر من الرسوم الجمركية وهو ما سوف يكلف نقص في الموارد الجمركية بما قيمته 150 مليار سنتيم علاوة على تخصيص ومن صندوق المقاصة مبلغ 100 مليار سنتيم لمساعدة المخابز على إستقرار سعر الخبز في 1.20 درهم بعملية حسابية نجد أنك تسببت في خسارة قدرها 370 مليار سنتيم.
لقد سئمنا ومللنا من الشعبوية وتتباهون لكونكم لا تعرفون إلا العشاء وصلاة العشاء والنوم هذا كلامكم في وجدة وأحجبتم عن ركوب سيارات الدولة من النوع الراقي وسفركم بالدرجة الإقتصادية في تنقلاتكم الخارجية والإكتفاء بالأكلات الشعبية في حفلاتكم وأقول لك أسيدي من مبلغ 370 مليار سنتيم الذي تسببت في خسارته لخزينة الدولة لو أخدنا منه 1 في المائة أي مايعادل 3.7 مليار سنتيم لإشتريث لأعضاء حكومتك أرقى السيارات وأطعمتهم في أفخر المطاعم وسافروا على متن الطائرات الخاصة لما تمكنت من صرف 1في المائة من الخسارة التي سببتها لخزينة الدولة .
لقد أصبحت حكومة بنكيران تجد نفسها مرغمة على استيراد نوع من القمح غير الجيد " المسوس" الذي يحتوي على الحشرات والطفيلات التي من بينها "الأفلاتوكس" والمخلوط بالرمل وذو رائحة كريهة بسبب خطر نفاد النوع الجيد من القمح في السوق العالمي وبقاء " الديشي " منه الذي يشكل خطرا على صحة المستهلك. وسبب هذا التخوف هو تفرج حكومة بنكيران على تهافت جل الدول العربية على إبرام صفقات كبرى لاستيراد الأطنان من هذه المادة الغذائية الحيوية تفوق في بعض الحالات حاجيتها، وعمدت إلى تخزينها في صوامع تم إنشاؤها لهذا الغرض من أجل الرفع من احتياطات هذه المادة التي وصلت في بعض الدول المجاورة للمغرب مثل تونس إلى 12 شهرا في الوقت الذي لا تتعدى فيه في المغرب أربعة أشهر فقط. ويبدو أن حكومة عبد الإله بنكيران الوحيدة التي لم تنجح في الفوز بمناقصات استيراد القمح من الدول المصدرة وأصبحت بذلك ملزمة بإستراد القمح بأثمنة جد مرتفعة سوف تثقل خزينة الدولة وتفوت عليها إمكانيات مالية مهمة، على عكس ذلك تمكنت جل الدول العربية من استيراد حاجيالتها من القمح الذي يرتفع ثمنه يوما بعد يوم بسبب حجم هذه الصفقات الكبرى والضغط الكبير على الاستيراد ، بشكل جعل بعض الاسواق العالمية مثل روسيا واوربا وامريكا تفكر في توقيف صادراتها من القمح مما يهدد المغرب بازمة غذاء خانقة بسبب صعوبة ايجاد هذه المادة في السوق العالمي. ياتي هذا في الوقت الذي يتوفر فيه المغرب على 4 أشهر فقط من احتياطي القمح الوطني حيث فشلت الحكومة في استيراد 600 ألف طن من القمح اللين من الاتحاد الأوروبي و الولاياتالمتحدة بسبب غياب العروض من قبل المستوردين، نظرا لكون التكلفة أقل تنافسية مقارنة مع أسعار الحبوب المقترحة في السوق المحلية. وتصر حكومة بنكيران على عدم اللجوء إلى استيراد القمح إلا بعد نفاذ المحصول الوطن في وقت لا تتجاوز فيه الكمية المتأتية من عملية جمع القمح الطري الوطني 13.9 ملايين قنطار إلى حدود نهاية الأسبوع الأول من شهر غشت الماضي . ولا يتجاوز مخزون القمح الطري المتوفر لدى الفاعلين في المجال، حتى متم غشت الماضي 17.5 مليون قنطار، أي ما يعادل أربعة أشهر من القمح المعد للطحن من قبل المطاحن الصناعية
في المقابل على السيد بنكيران و معاونيه ان يعلموا أن محاربة الفساد ليست لعبة من لعب السياسية والسياسيين، إنها مشروع مجتمع متكامل، لذا فالخروج الإعلامي الكثيف لحزب العدالة والتنمية له مايبرره ألا وهي الورطة الكبرى التي وقع فيها هذا الحزب أمام من وضعوا فيه آمالهم وثقتهم من عموم الشعب ، ويتجلى ذلك بالواقائع والأحداث والقرارات المكلفة التي لا تدع مجالا للشك في ازدواجية الخطاب والممارسة لدى رجالات ونساء حزب العدالة والتنمية وذلك من خلال قراءة سياسية لقرارات وزراء هذا الحزب ومدى نجاعتها في حل المشاكل على أرض الواقع و مدى استجابتها لانتظارات شريحة واسعة من المواطنين.