أفاد بحث وطني حول العيش الكريم إن مغربيا من أصل ثلاثة "قد يكون راضيا أو راضيا جدا" عن الحياة، وأقل من الربع راض "بشكل متوسط"٬ فيما حوالي 46 في المائة من المغاربة غير راضين. وأوضح المندوب السامي للتخطيط٬ أحمد الحليمي علمي٬ الذي قدم نتائج هذا البحث، الذي أنجز خلال الفترة الممتدة ما بين 30 يناير و20 فبراير من السنة الجارية٬ أن مستوى رضا السكان على عيشهم يتأثر إلى حد كبير بالسن ويرتفع كلما ارتفع المستوى الدراسي والمهني والدخل. وفي ما يخص أبعاد الحياة التي تشكل مصادر للعيش الكريم٬ أبرز المغاربة ثلاثة مجالات من الأبعاد تتمثل في الحياة المادية التي تضم السكن (ذكر من طرف 60 في المائة)، والدخل (45 في المائة)٬ والمجال الاجتماعي الذي يشمل الشغل بالنسبة إلى 43 في المائة، والصحة بالنسبة إلى 32 في المائة، والتعليم بالنسبة إلى 24 في المائة٬ والمجال المجتمعي الذي ذكر من طرف 29 في المائة. وأضاف البحث أن نصف المغاربة صرحوا بأنهم راضون قليلا أو غير راضون عن السكن٬ فيما اعتبر أزيد من الربع أنهم راضون أو راضون جدا واعتبر الربع الآخر نفسه راض بشكل متوسط. وفي ما يتعلق بالدخل٬ يناهز مستوى عدم الرضا يناهز 64 في المائة في صفوف مجموع السكان، و74 في المائة في صفوف السكان القرويين٬ في حين أن الذين يعتبرون أنفسهم راضين أو راضين جدا يمثلون بالكاد مغربي واحد من أصل 10 (8,5 في المائة). وفي مجال الشغل٬ صرح أزيد من نصف السكان بأنهم غير راضين عن عملهم٬ فيما يتوزع الباقي بالتساوي بين من هم راضون إلى راضين جدا وراضون بشكل متوسط. وأشار البحث إلى أن نسبة المغاربة الذين أبدوا رضاهم في مجال الصحة لا تتجاوز 8 في المائة مقابل 72 في المائة عبروا عن عدم رضاهم. وبخصوص التعليم٬ تتجاوز نسبة الأشخاص غير الراضين 55 في المائة مقابل 15 في المائة قالوا إنهم راضون أو راضون جدا. وفي ما يخص الحياة الثقافية والترفيهية٬ فإن 7 مغاربة من كل 10 (68 في المائة)، يعتبرون أنفسهم غير راضين عنها، فيما اعتبر 13 في المائة فقط أنفسهم راضين أو جد راضين. وبحسب البحث٬ فإنه يبدو أن الحياة العائلية والمحيط المجتمعي لا يحظى بالرضا الكلي إلا لدى مغربي من أصل 5 (18 في المائة)٬ فيما عبر أزيد من نصف المغاربة عن عدم رضاهم وأزيد من ربعهم (28 في المائة)،عن رضا متوسط. وفي السياق ذاته٬ أشار البحث إلى أن مستوى الرضا الذي يشعر به المواطنون يتأثر ليس فقط بالإكراهات التي يواجهونها في حياتهم٬ ولكن أيضا، بخصائصهم الديمغرافية والسوسيو-اقتصادية. وهكذا٬ فإن مستوى الرضا عن السكن هو أعلى لدى الشباب والأشخاص الأكبر سنا مما هو عليه لدى الأشخاص متوسطي السن٬ إذ أن العلاقة التي تم كذلك رصدها في ميدان الشغل والحياة العائلية والمحيط المجتمعي والدخل تبقى معلنة بدرجة أقل٬ فيما ترتفع درجة الرضا عن الشغل والدخل والسكن كلما ارتفع المستوى الدراسي. ويؤثر التوفر على عمل٬ بشكل إيجابي٬ على درجة الرضا في مجالات الترفيه والسكن والحياة العائلية وذلك على عكس البطالة التي تؤثر سلبا على درجة الرضا في هذه المجالات. وهم هذا البحث 3200 فردا تبلغ أعمارهم 15 سنة فما فوق٬ من بينهم 2080 بالوسط الحضري. واستعملت فيه استمارتين٬ واحدة للأسر ولخصائصها السوسيو-ديمغرافية وظروف معيشة أفرادها٬ فيما ركزت الثانية على موضوع العيش الكريم للسكان. وقال لحليمي٬ في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ إن اعتماد مستويات رضا الساكنة قياسا للعيش الكريم يوفر مؤشرا وجيها قد يصبح إذا ما تم تحيينه بصفة منتظمة مرجعا ملائما في التقييم الدوري لنجاعة السياسات العمومية من منظور العيش الكريم للمواطنين. وأضاف أن هذا البحث يندرج في إطار التعريف الواسع الذي تعتمده منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية٬ غير أنه لا يعتمد الأبعاد ال11 في قياسه للعيش الكريم٬ بفضل التجارب التي راكمتها المندوبية السامية للتخطيط في ما يتعلق بالبحوث الكمية وبغرض عدم إخضاع الحقائق الاقتصادية والاجتماعية الوطنية لمحاور البحث التي تمت بلورتها انطلاقا من النماذج الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للدول المتقدمة. وقال إنه لتحقيق ذلك٬ تم اعتماد مقاربة تفاعلية مع الساكنة المستجوبة لأخذ جدة الموضوع بعين الاعتبار والازدواجية المادية والثقافية لاشتقاقاته المفاهيمية والمصطلحية، وكذا لسوء الفهم الذي يمكن أن يطال استغلال وتحليل نتائجه.